نُصَّ عَلَيْهِ، قَالَ: لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: تَصَدَّقْ بِهِ، لَا يَأْخُذُهُ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْمَنْعِ عَدَمُ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ.
(وَلَا) يَصِحُّ أَيْضًا (حَجُّ وَارِثٍ) بِهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُوصِي جَعْلُهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْمُوصِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْوَارِثُ؛ جَازَ، وَيُجْزِئُ أَنْ يُحَجَّ عَمَّنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ، وَلَا حَجَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمِيقَاتِ حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْحَالَاتِ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّائِدِ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا تَنَاوَلَ الْحَجَّ، وَفِعْلُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَقَطْعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَسَافَةِ لَيْسَ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَالَ) يَحُجُّ عَنِّي (حَجَّةً بِأَلْفٍ دَفَعَ الْكُلَّ لِمَنْ يَحُجُّ) بِهِ عَنْهُ حَجَّةً وَاحِدَةً؛ عَمَلًا بِمُقْتَضَى وَصِيَّتِهِ وَتَنْفِيذًا لَهَا (فَإِنْ عَيَّنَهُ) الْمُوصِي بِأَنْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي زَيْدٌ حَجَّةً بِأَلْفٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَهُ: أَنْ حُجَّ، وَلَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ التَّوَجُّهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْأَخْذُ قَبْلَهُ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ جُعِلَ لَهُ عَلَى صِفَةٍ، فَلَا يَمْلِكُ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَلَا يُعْطَى الْمَالُ إلَّا أَيَّامَ الْحَجِّ احْتِيَاطًا لِلْمَالِ، وَلِأَنَّهُ مَعُونَةٌ فِي الْحَجِّ؛ فَلَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ قَبْلَ وَقْتِهِ (فَ) إنْ (أَبَى) زَيْدٌ (الْحَجَّ) ، وَقَالَ: اصْرِفُوا لِي الْفَضْلَ لَمْ يُعْطَهُ، وَ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِ؛ أَيْ: بَطَلَ تَعْيِينُهُ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ فِيهَا حَقٌّ لِلْحَجِّ وَحَقٌّ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا رَدَّ بَطَلَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ كَقَوْلِهِ: بِيعُوا عَبْدِي لِفُلَانٍ، وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ. وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُوصَى لَهُ بِفَرَسٍ فِي السَّبِيلِ عَلَى الْخُرُوجِ.
نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ (وَيَحُجُّ عَنْهُ) ثِقَةٌ سِوَى الْمُعَيَّنِ الرَّادِّ (بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ) مِنْ النَّفَقَةِ لِمِثْلِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالنَّائِبُ أَمِينٌ فِيمَا أُعْطِيهِ لِيَحُجَّ مِنْهُ، (وَالْبَقِيَّةُ) بَعْدَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ (لِلْوَرَثَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْرَفَ لَهَا؛ لِبُطْلَانِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِامْتِنَاعِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْحَجِّ؛ كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِإِنْسَانٍ، فَرَدَّ الْوَصِيَّةَ (فِي) حَجِّ (فَرْضٍ وَنَفْلٍ) وَلِلنَّائِبِ تَأْخِيرُ الْحَجِّ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) الْمُعَيَّنُ مِنْ الْحَجِّ (أُعْطَى الْأَلْفَ) ؛ لِأَنَّهُ مُوصَى لَهُ بِالزِّيَادَةِ بِشَرْطِ حَجِّهِ، وَقَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلْحَجِّ، فَوَجَبَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا قَالَ مُوصٍ (وَحُسِبَ الْفَاضِلُ) مِنْ الْأَلْفِ (عَنْ نَفَقَةِ مِثْلٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute