وَأُمٌّ وَزَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ) وَهُمَا الْعُمَرِيَّتَانِ لِقَضَاءِ عُمَرَ بِهِمَا، وَالْغَرَاوَانِ لِشُهْرَتِهِمَا (كَانَ لَهَا) ؛ أَيْ: الْأُمِّ (ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الزَّوْجَيْنِ، قَضَى بِذَلِكَ عُمَرَ، فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي النَّسَبِ الْمُدْلِي بِهَا وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ، بِخِلَافِ الْجَدِّ، فَلَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَ فَرْضَهُ، وَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ؛ لَزِمَ تَفْضِيلُ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَةَ فَرْضَهَا وَالْأُمَّ الثُّلُثَ كَامِلًا؛ لَزِمَ أَنْ لَا يُفَضَّلَ عَلَيْهَا التَّفْضِيلَ الْمَعْهُودَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالرُّتْبَةِ؛ فَلِذَلِكَ اسْتَدْرَكُوا هَذَا الْمَحْذُورَ، وَأَعْطَوْا الْأُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي وَالْأَبَ ثُلُثَيْهِ؛ مُرَاعَاةً لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ خَالَفَ الصَّحَابَةَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ اُشْتُهِرَ قَوْلُهُ فِيهَا: إحْدَاهَا: زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، وَالثَّانِيَةُ امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ، لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي عِنْدَهُمْ، وَجَعَلَ هُوَ لَهَا ثُلُثَ الْمَالِ مِنْهُمَا. الثَّالِثَةُ لَا يَحْجُبُ الْأُمَّ إلَّا بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ. الرَّابِعَةُ لَمْ يَجْعَلْ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً.
الْخَامِسَةُ لَمْ يُعِلْ الْمَسَائِلَ، وَهَذِهِ الْخَمْسُ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيهَا، وَاشْتُهِرَ الْقَوْلُ عَنْهُ بِهَا (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا) ؛ أَيْ: الْأُمِّ (أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ) لِكَوْنِهِ (مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ أَوْ) لِكَوْنِهَا (ادَّعَتْهُ) أَنَّهُ وَلَدُهَا (وَأُلْحِقَ بِهَا) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ دُونَ زَوْجِهَا الْجَاحِدِ لَهُ (فَمُنْقَطِعٌ تَعْصِيبُهُ) ؛ أَيْ: الْوَلَدِ (مِمَّنْ نَفَاهُ) بِلِعَانٍ (وَنَحْوِهِ) كَجَحْدِ زَوْجِ الْمُقِرَّةِ بِهِ (فَلَا يَرِثُهُ) النَّافِي (وَلَا) يَرِثُهُ (أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِهِ) لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ وَهُوَ النَّسَبُ، وَكَذَا الزَّانِي وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ وَلَدَ الزِّنَا، وَكَذَا زَوْجُ الْمُقِرَّةِ وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا؛ لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ (وَلَوْ) كَانَ (التَّعْصِيبُ بِإِخْوَةٍ مِنْ أُمٍّ إذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ) مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ (وَنُفِيَا) ؛ أَيْ: نَفَاهُمَا الزَّوْجُ بِلِعَانٍ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ بِأُخُوَّتِهِ لِأَبِيهِ، وَلَا يَحْجُبُ تَوْأَمُهُ أَحَدًا مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute