نَسَبُ أُبُوَّةٍ (وَتَرِثُ أُمُّهُ) ؛ أَيْ: أُمُّ مَنْ لَا أَبَ لَهُ مِنْهُ فَرْضَهَا (وَ) يَرِثُ (ذُو فَرْضٍ مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِنْ وَلَدِ زِنًا وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَنَحْوِهِ (فَرْضَهُ) كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ لَا أَبَ لَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مَنْعِ ذِي فَرْضٍ مِنْ فَرْضِهِ (وَعَصَبَتِهِ) ؛ أَيْ: عَصَبَةِ مَنْ لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا (بَعْدَ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَصَبَةُ أُمِّهِ، لَا هِيَ) ؛ أَيْ: لَا أُمُّهُ عَصَبَتُهُ، سَوَاءٌ وُجِدَ وَارِثٌ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مِنْ ذَوَاتِ الْفُرُوضِ، وَكَوْنُ عَصَبَتِهِ عَصَبَةَ أُمِّهِ.
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ ذُو السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
، وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَبَقِيَ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَرْضَهُمْ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ: «فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَرِثَهَا، وَأَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ لَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَرِثُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِهَا، فَيَبْقَى الْبَاقِي لِذَوِي قَرَابَتِهِ، وَهُمْ قَرَابَتُهُ، وَعَلَى هَذَا إنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً، فَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ؛ فَلَهَا الثُّلُثُ فَرْضًا، وَالْبَاقِي رَدًّا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مَنْ يَرَى الرَّدَّ (فِي إرْثٍ) فَقَطْ، كَقَوْلِنَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ (لَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ) فَلَا يُزَوِّجُونَهُ، وَلَا فِي وِلَايَةِ مَالِهِ، (وَ) لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فِي (عَقْلٍ) فَلَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ التَّعْصِيبُ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ
(وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ) ؛ أَيْ: الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ إنْ كَانَتْ (لِأَقْرَبِهِمْ) ؛ أَيْ: الْعَصَبَةِ مِنْ الْأُمِّ (فَأُمٍّ وَخَالٍ) لِمَنْ مَاتَ وَلَا أَبَ لَهُ وَ (لَهُ) ؛ أَيْ: الْخَالِ (الْبَاقِي بَعْدَ) أَخْذِ الْأُمِّ (الثُّلُثَ) لِأَنَّ الْخَالَ عَصَبَةُ الْأُمِّ (وَ) إنْ كَانَ (مَعَهُمَا) ؛ أَيْ: الْأُمِّ وَالْخَالِ وَ (لِلْأَخِ لِأُمٍّ) السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا، وَيَسْقُطُ الْخَالُ؛ لِأَنَّ أَخَ الْمَيِّتِ لِأُمِّهِ أَقْرَبُ مِنْ الْخَالِ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute