وَالرِّزْقُ مَا يَنْفَعُ وَلَوْ مُحَرَّمًا، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْأَرْزَاقُ نَوْعَانِ: ظَاهِرَةٌ: لَلْأَبَدَانِ كَالْأَقْوَاتِ، وَبَاطِنَةٌ: لِلْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ، كَالْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ.
(لِمَنْ يَقُومُ بِهِمَا) ؛ لِأَنَّ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةً إلَيْهِمَا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَيْهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْمُتَطَوِّعَ لَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ شَيْئًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ ".
(وَلَا يَصِحَّانِ) - أَيْ: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ - (إلَّا بِوَقْتٍ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِهِ، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلِيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَصِحَّ فِي وَقْتٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ.
(وَ) يَصِحُّ الْأَذَانُ (لِفَجْرٍ مِنْ بَعْدِ نِصْفِ لَيْلٍ) ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَهُ قَدْ ذَهَبَ، وَبِذَلِكَ يَخْرُجُ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارُ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيُعْتَدُّ بِالْأَذَانِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ كَانَ بِرَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ، وَفِيهِمْ الْجُنُبُ وَالنَّائِمُ فَاسْتُحِبَّ تَقْدِيمُ أَذَانِهِ حَتَّى يَتَهَيَّئُوا لَهَا فَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ الْوَقْتِ.
تَنْبِيهٌ: وَاللَّيْلُ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ غُرُوبَ الشَّمْسِ، وَآخِرُهُ طُلُوعَهَا، كَمَا أَنَّ النَّهَارَ الْمُعْتَبَرَ نِصْفُهُ أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَآخِرُهُ غُرُوبُهَا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يُسْتَحَبُّ تَقَدُّمُ أَذَانِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَثِيرًا، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، قَالَ الْقَاسِمُ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ ذَا وَيَرْقَى ذَا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَجْمُوعُ مَا رُوِيَ فِي تَقَدُّمِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْأَذَانِ لِلْفَجْرِ إنَّمَا هُوَ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الْأَذَانِ لِلْفَجْرِ مِنْ الثُّلُثِ الْأَخِيرِ فَخِلَافُ السُّنَّةِ إنْ سُلِّمَ جَوَازُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute