وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنْ يَجْعَلَ أَذَانَهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي اللَّيَالِي كُلِّهَا، وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي الْوَقْتِ، وَأَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ عَادَةً لِئَلَّا يَغُرَّ النَّاسَ.
وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا (مُرَتَّبَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا ذِكْرٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِنَظْمِهِ كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ (مُتَوَالِيَيْنِ عُرْفًا) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِغَيْرِ مُوَالَاةٍ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا مَنْوِيَّيْنِ (مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا أَكْثَرَ) ، فَلَوْ أَتَى وَاحِدٌ بِالْبَعْضِ، وَكَمَّلَ آخَرُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، كَالصَّلَاةِ
(وَشُرِطَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - فِي الْمُؤَذِّنِ شُرُوطٌ: (كَوْنُهُ ذَكَرًا) : فَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالْحِكَايَةِ، وَكَوْنُهُ (عَاقِلًا) : فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَكَوْنُهُ (مُسْلِمًا) : فَلَا يَعْتَدُّ بِأَذَانِ كَافِرٍ لِعَدَمِ النِّيَّةِ، وَكَوْنُهُ (مُمَيِّزًا) ، لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ " كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونَنِي أَنْ أُؤَذِّنَ لَهُمْ وَأَنَا غُلَامٌ لَمْ أَحْتَلِمْ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ ".
(نَاطِقًا) ، لِيَحْصُلَ الْإِعْلَامُ بِهِ، (نَاوِيًا) ، لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (عَدْلًا وَلَوْ ظَاهِرًا) : فَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ،؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَصَفَ الْمُؤَذِّنِينَ بِالْأَمَانَةِ " وَالْفَاسِقُ غَيْرُ أَمِينٍ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": أَمَّا مَسْتُورُ الْحَالِ فَيَصِحُّ أَذَانُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
(وَبَصِيرٌ أَوْلَى) بِالْأَذَانِ مِنْ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ عَنْ يَقِينٍ، بِخِلَافِ الْأَعْمَى فَرُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ، وَمِثْلُهُ عَارِفٌ بِالْوَقْتِ مَعَ جَاهِلٍ بِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ أَذَانِ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّ «ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ حَتَّى يُقَالَ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَرَفْعُ صَوْتٍ) بِأَذَانٍ (رُكْنٌ لِيَحْصُلَ سَمَاعٌ) ؛ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ لِلْإِعْلَامِ (مَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِحَاضِرٍ) فَبِقَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ أَفْضَلُ، (وَتُكْرَهُ زِيَادَةٌ) فِي رَفْعِ صَوْتِهِ (فَوْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute