للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ " عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي، وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ، ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا، فَتُوُفِّيَ فَلَبِثْت سَنَةً، وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا، ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ، فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ، فَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ؛ فَلَهُ نَصِيبُهُ، فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ، فَذَهَبْت بِذَلِكَ الْأَوَّلِ، وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا. وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ، وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْحَثُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُسِمَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ دُونَ مَا قُسِمَ

وَ (لَا) يَرِثُ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ (زَوْجًا) لِانْقِطَاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عَنْهُ بِمَوْتِهَا، بِخِلَافِهَا، وَكَذَا لَا تَرِثُ هِيَ مِنْهُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ عِدَّتِهَا.

(وَلَا) يَرِثُ (مَنْ عَتَقَ بَعْدَ) مَوْتِ قَرِيبِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ أُمٍّ وَنَحْوِهِمْ (أَوْ) أُعْتِقَ (مَعَ مَوْتِ نَحْوِ أَبِيهِ قَبْلَ الْقَسْمِ) لِمِيرَاثِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ نَصًّا؛؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ، وَوَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهِ، فَوُرِّثَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا وُرُودُ الْأَثَرِ فِي تَوْرِيثِ مَنْ أَسْلَمَ لَكَانَ النَّظَرُ أَنْ لَا يَرِثَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ حِينَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَرَثَةِ؛ فَيَسْتَحِقُّونَهُ، فَلَا يَبْقَى لِمَنْ حَدَثَ شَيْءٌ، لَكِنْ خَالَفْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْأَثَرِ، وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ أَثَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ.

(وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَمَتَى تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَحَازَهَا فَهُوَ كَقِسْمَتِهَا) بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ قَرِيبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لَمْ يُشَارِكْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَاقْتَسَمُوا.

(وَ) إنْ قَالَ لِقَرِيبِهِ: (أَنْتَ حُرٌّ آخِرَ حَيَاتِي، عَتَقَ وَوَرِثَ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>