كَانَ حُرًّا، لَا إنْ عَلَّقَ سَيِّدٌ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَوْتِ مُوَرِّثِهِ؛ بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: إذَا مَاتَ أَبُوك أَوْ نَحْوُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا مَاتَ أَبُوهُ؛ عَتَقَ، وَلَمْ يَرِثْ؛ لِحُصُولِ عِتْقِهِ مَعَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَبَّرَ قَرِيبَهُ، ثُمَّ مَاتَ، وَخَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ؛ عَتَقَ، وَلَمْ يَرِثْ.
(وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حَرْبِيٌّ، أَوْ) أَنَّ أَحَدَهُمَا (مُسْتَأْمَنٌ وَالْآخَرَ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ، وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا قِيَاسٌ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا، وَمَفْهُومُ حَدِيثِ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» .
أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارُ، فَيُبْعَثُ مَالُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ حَيْثُ عُلِمَ (وَهُمْ) ؛ أَيْ: الْكُفَّارُ (مِلَلٌ شَتَّى وَلَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» .
وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِلْعُمُومَاتِ، فَالْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَّةٌ، وَالْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ، وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ، وَعَبَدَةُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ، وَهَكَذَا فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَّةٌ، وَمَنْ عَدَاهُمَا مِلَّةٌ، وَرُدَّ بِافْتِرَاقِ حُكْمِهِمْ؛ فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، وَغَيْرُهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ وَمُعْتَقِدَاتهمْ وَآرَائِهِمْ، يَسْتَحِلُّ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ، وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
(وَلَا) يَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (بِنِكَاحٍ) ؛ أَيْ: عَقْدِ تَزْوِيجٍ (لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا) وَلَوْ اعْتَقَدُوهُ كَالنَّاكِحِ لِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَكَالْمَجُوسِيِّ يَتَزَوَّجُ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا التَّزْوِيجِ كَعَدَمِهِ، فَإِنْ كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، وَاعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ؛ تَوَارَثُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ أَنْكِحَتِنَا، كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ فِي عِدَّةٍ انْقَضَتْ وَنَحْوِهِ.
(وَمُخَلَّفٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مُبْتَدَأٌ؛ أَيْ: مَتْرُوكٌ (مُكَفَّرٌ) - بِفَتْحِ الْفَاءِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute