أَيْ: مَنْ اعْتَقَدَ أَهْلُ الشَّرْعِ أَنَّهُ كَافِرٌ (بِبِدْعَةٍ، كَجَهْمِيٍّ) وَاحِدِ الْجَهْمِيَّةِ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلِ بِالتَّعْطِيلِ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي الْجَهْمَيْ إذَا مَاتَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا نَصَارَى، مَنْ يَشْهَدُهُ؟ قَالَ: أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ.
(وَ) مُخَلَّفٌ (مُشَبِّهٌ) ؛ أَيْ: مَنْ شَبَّهَ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ بِذَاتِ أَوْ صِفَاتِ مَخْلُوقَاتِهِ (إذَا لَمْ يَتُبْ) مِمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِكُفْرِهِ بِسَبَبِ اعْتِقَادِهِ لَهُ (وَ) مُخَلَّفٌ (زِنْدِيقٌ) قَالَهُ فِي " الْقَامُوسِ ": الزِّنْدِيقُ بِالْكَسْرِ: مِنْ الثَّنَوِيَّةِ؛ أَوْ الْقَائِلُ بِالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ، أَوْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَبِالرُّبُوبِيَّةِ، أَوْ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِيمَانَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَفْظُ الزَّنْدَقَةِ لَمْ يُوجَدْ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ مِنْ كَلَامِ الْفُرْسِ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ: وَالزِّنْدِيقُ: الَّذِي تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ فِي الظَّاهِرِ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَهُمْ الْمُنَافِقُ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَحُجُّ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي بَاطِنِهِ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ مُشْرِكًا أَوْ وَثَنِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَطِّلًا لِلصَّانِعِ وَلِلنُّبُوَّةِ أَوْ لِلنُّبُوَّةِ فَقَطْ أَوْ لِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، فَهَذَا زِنْدِيقٌ (وَ) هُوَ (مُنَافِقٌ) وَمَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ يَتَنَاوَلُ مِثْلَ هَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ كُفَّارٌ فِي الْبَاطِنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا مُظْهِرِينَ لِلشَّهَادَتَيْنِ وَالْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمُؤَدِّينَ لِلْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ بِقُلُوبِهِمْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَعَامَّةُ مَا يُوجَدُ النِّفَاقُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ؛ فَإِنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا، وَكَذَلِكَ يُقَالُ عَنْ الَّذِي ابْتَدَعَ التَّجَهُّمَ، وَكَذَلِكَ رُءُوسُ الْقَرَامِطَةِ وَأَمْثَالُهُمْ، لَا رَيْب أَنَّهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَتَنَازَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي كُفْرِهِمْ. انْتَهَى.
وَيَأْتِي بَيَانُ عَقَائِدِ الْقَرَامِطَةِ فِي فَصْلِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ (فَيْءٌ) خَبَرُ مُخَلَّفٍ، يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute