فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَقَطَعَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِتْقَ لِمُمَيِّزٍ، وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ: لَا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ:
(خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ الْعِتْقُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ. وَمَا قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " تَبِعَ فِيهِ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْفَائِقِ "، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ.
وَلَا يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ سَفِيهٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْهُ، وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ، وَلَا مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَةٍ بِهِ، وَلَا أَنْ يَعْتِقَ أَبٌ عَبْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا لَا يَصِحُّ عِتْقُ عَبْدِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، وَلَا عَبْدِ وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ، وَلَا عَبْدِ يَتِيمِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمَوْقُوفِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لَهُ - لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ بَعْدَهُ.
(وَصَرِيحُهُ لَفْظُ عِتْقٍ وَ) لَفْظُ (حُرِّيَّةٍ) لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِمَا، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا (كَيْفَ صُرِفَا) نَحْوُ قَوْلِهِ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتَ مُحَرَّرٌ، أَوْ حَرَّرْتُك، أَوْ أَنْتِ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ - بِفَتْحِ التَّاءِ - فَيَعْتِقُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ تَجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ لَقِيَ امْرَأَةً فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: تَنَحِّي يَا حُرَّةُ، فَإِذَا هِيَ جَارِيَتُهُ، قَالَ: قَدْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِخَدَمٍ قِيَامٍ فِي وَلِيمَةٍ: مُرُّوا أَنْتُمْ أَحْرَارٌ، وَكَانَ فِيهِمْ أُمُّ وَلَدِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، قَالَ هَذَا بِهِ عِنْدِي تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَصْرِيفِ لَفْظِ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (غَيْرُ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ) مِمَّنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ حَرِّرْهُ، أَوْ أَعْتِقْهُ، أَوْ أُحَرِّرُهُ، أَوْ أُعْتِقُهُ أَوْ هَذَا مُحَرِّرٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ - أَوْ هَذَا مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ، لَمْ يَعْتِقْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَلَبٌ وَوَعْدٌ، وَخَبَرٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا صَالِحًا لِلْإِنْشَاءِ وَلَا إخْبَارًا عَنْ نَفْسِهِ؛ فَيُؤَاخَذُ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَاتِقٌ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ يَعْتِقُ بِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute