للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَقَعُ) الْعِتْقُ (مِنْ هَازِلٍ) كَالطَّلَاقِ وَ (لَا) يَقَعُ مِنْ (نَائِمٍ وَنَحْوِهِ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَجْنُونٍ وَمُبَرْسَمٍ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مَا يَقُولُونَ قَالَ فِي " الْفَائِقِ ": نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ مُعْتَبَرَةٌ؛ تَحَرُّزًا مِنْ النَّائِمِ وَنَحْوِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ النَّفَاذِ، وَلَا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ؛ فَيَقَعُ عِتْقُ الْهَازِلِ انْتَهَى.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ؛ أَيْ: إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ، فَلَا عَتَاقَ لِحَاكٍ وَفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ وَنَائِمٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ.

(وَلَا) يَقَعُ عِتْقٌ (إنْ) قَالَ لِرَقِيقِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَ (نَوَى بِالْحُرِّيَّةِ نَحْوَ عِفَّتِهِ) كَصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ (وَكَرَمِ خُلُقِهِ) قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَأَمَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَ الْعِتْقِ كَالرَّجُلِ يَقُولُ: عَبْدِي هَذَا حُرٌّ يُرِيدُ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ أَخْلَاقِهِ، أَوْ يَقُولُ: لِعَبْدِهِ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ؛ أَيْ: إنَّك لَا تُطِيعُنِي، وَلَا تَرَى لِي عَلَيْك حَقًّا وَلَا طَاعَةً، وَلَا يَعْتِقُ.

قَالَ حَنْبَلٌ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ كَلَامًا شِبْهُ هَذَا: رَجَوْت أَنْ لَا يَعْتِقَ، وَأَنَا أَهَابُ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، فَانْصَرَفَ إلَيْهِ.

قَالَ (وَ) إنْ طَلَبَ الْعَبْدُ اسْتِحْلَافَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ نَوَى بِحُرِّيَّتِهِ مَا ذَكَرَ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَ (يَحْلِفُ) السَّيِّدُ؛ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ، فَعَلَى هَذَا إنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ. يُقَالُ: امْرَأَةٌ حُرَّةٌ يَعْنُونَ عَفِيفَةً، وَتَمْدَحُ الْمَمْلُوكَ أَيْضًا بِذَلِكَ، وَيُقَالُ لِكَرِيمِ الْأَخْلَاقِ: حُرٌّ قَالَتْ سُبَيْعَةُ تَرْثِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ:

وَلَا تَسْأَمَا أَنْ تَبْكِيَا كُلَّ لَيْلَةٍ ... وَيَوْمٍ عَلَى حُرٍّ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ

(وَ) إنْ قَالَ سَيِّدٌ لِرَقِيقِهِ (أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَإِنَّهُ (يَعْتِقُ مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ نَوَى الْعِتْقَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بَلَدٍ لَا يَعُودُ رَقِيقًا فِي غَيْرِهَا.

(وَكِنَايَتُهُ) ؛ أَيْ: الْعِتْقِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا (مَعَ نِيَّتِهِ) ؛ أَيْ: الْعِتْقِ أَوْ قَرِينَةٍ كَسُؤَالِ عِتْقٍ كَالطَّلَاقِ (خَلَّيْتُك، وَأَطْلَقْتُك، وَالْحَقْ بِأَهْلِك) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَفَتْحِ الْحَاءِ (وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْت، وَلَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (سُلْطَانَ) لِي عَلَيْك (أَوْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>