إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُ التَّدْبِيرِ بَعْدَ الْمَوْتِ (كَ) قَوْلِ السَّيِّدِ (إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَا) فَلَا يَعْتِقُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَسْت بِحُرٍّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ لَا إعْتَاقٌ (أَوْ) قَالَ لِقِنِّهِ (إنْ شِئْت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ) أَوْ أَيُّ وَقْتٍ شِئْت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ، وَلَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ، فَلَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِقِنِّهِ (إذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَ) لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا (حَتَّى يَقْرَأَ) الْقُرْآنَ (جَمِيعَهُ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ بِأَلْ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَعَادَ إلَى جَمِيعِهِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨] الْآيَةُ؛ فَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى بَعْضِهِ بِدَلِيلٍ، وَلِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ هُنَا تَقْضِي قِرَاءَةَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ تَرْغِيبَهُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَتَتَعَلَّقُ الْحُرِّيَّةُ بِهِ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ لَهُ (إذَا قَرَأْت قُرْآنًا) فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ؛ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُدَبَّرًا بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ؛ فَيَعُمُّ أَيَّ بَعْضٍ كَانَ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَقْتَضِي اسْتِيعَابَهُ.
(وَلَيْسَ) التَّدْبِيرُ (بِوَصِيَّةٍ) بَلْ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ (فَلَا يَبْطُلُ) التَّدْبِيرُ (بِإِبْطَالٍ وَ) لَا (رُجُوعٍ) كَقَوْلِ السَّيِّدِ رَجَعْتُ فِيهِ (وَ) لَا يَبْطُلُ (بِجُحُودٍ) ؛ أَيْ: إنْكَارٍ، وَتَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ بِأَنَّهُ دَبَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقَ، فَإِنْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ، وَلَمْ: يَكُنْ لِلْمُدَبَّرِ بَيِّنَةٌ؛ قَبْلَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَجَحْدُهُ التَّدْبِيرَ لَيْسَ رُجُوعًا (وَ) لَا يَبْطُلُ بِ (أَسْرٍ) لِلْقِنِّ الْمُدَبَّرِ (وَ) لَا يَبْطُلُ (بِرَهْنٍ) بِأَنْ رَهْنَهُ سَيِّدُهُ (فَإِنْ مَاتَ سَيِّدٌ) وَهُوَ رَهْنٌ (عَتَقَ) إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، (وَأَخَذَ) الْمُرْتَهِنُ (مِنْ تَرِكَتِهِ) ؛ أَيْ: تَرِكَةِ السَّيِّدِ (قِيمَتَهُ) ؛ أَيْ: قِيمَةَ الرَّهْنِ الْمُدَبَّرِ تُجْعَلُ (رَهْنًا) مَكَانَهُ إلَى حُلُولِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَفَّى دَيْنَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute