(تَتِمَّةٌ) : وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ، وَلَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ؛ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ لَا تُنَافِيه. وَإِنْ سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَأَعْلَمُوا سَيِّدَهُ؛ لَمْ يَمْلِكُوهُ، وَيُرَدُّ إلَى سَيِّدِهِ إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ قَسْمِهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهُمْ، وَيُسْتَتَابُ الْمُدَبَّرُ الْمُرْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْكُفَّارِ حَتَّى قُسِّمَ الْمُدَبَّرُ مَلَكَهُ مَنْ وَقَعَ فِي قَسْمِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ سَيِّدَهُ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي حُسِبَ بِهِ عَلَى آخِذِهِ بِهِ، وَكَذَا لَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ بِشِرَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ سَيِّدَهُ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ؛ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ؛ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهِ عَنْ سَيِّدِهِ بِمِلْكٍ أَوْ هِبَةٍ. وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ سَبْيِ الْمُدَبَّرِ الْمُرْتَدِّ؛ عَتَقَ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ فَإِنْ سُبِيَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يُرَدَّ إلَى وَرَثَةِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُورَثُ، لَكِنْ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابَ وَأَسْلَمَ صَارَ رَقِيقًا يُقَسَّمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ؛ قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى كُفْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَبَّرُ ذِمِّيًّا، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَسَبَوْهُ مَلَكُوهُ وَقَسَّمُوهُ، وَإِنْ ارْتَدَّ السَّيِّدُ وَدَبَّرَ قِنًّا فِي رِدَّتِهِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ؛ فَالتَّدْبِيرُ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ، عَتَقَ الْمُدَبَّرُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ قُتِلَ السَّيِّدُ لِرِدَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ؛ لَمْ يَعْتِقْ الْمُدَبَّرُ.
(وَيَصِحُّ وَقْفُ مُدَبَّرٍ وَهِبَتُهُ وَبَيْعُهُ وَلَوْ) كَانَ الْمُدَبَّرُ (أَمَةً أَوْ) كَانَ بَيْعُهُ (فِي غَيْرِ دَيْنٍ) نَصًّا، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ: صَحَّتْ أَحَادِيثُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ بِاسْتِقَامَةِ الطُّرُقِ، وَإِذَا صَحَّ الْخَبَرُ اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ رَأْيِ النَّاسِ، وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، وَثَبَتَ بِقَوْلِ الْمُعْتِقِ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ الْبَيْعُ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالٍ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ الْبَيْعُ فِي الْحَيَاةِ كَالْوَصِيَّةِ، وَمَا ذُكِرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ، وَلَا يُشْتَرَى» . فَلَمْ يَصِحَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute