أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَلْزَمُهُ الْتِزَامُ ضَرَرٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَا يَعْتِقُ بِبَذْلِهِ مَعَ وُجُودِ الضَّرَرِ.
(فَإِنْ أَبَى) السَّيِّدُ أَخْذَ الْمُعَجَّلِ مَعَ الضَّرَرِ (جَعَلَهُ إمَامٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ) ثُمَّ أَدَّاهُ إلَى السَّيِّدِ وَقْتَ حُلُولِهِ (وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ) ؛ أَيْ: الْمُكَاتَبِ فِي حَالِ أَخْذِ الْمُعَجَّلِ مِنْهُ؛ لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنِّي كُوتِبْت عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَإِنِّي أَيْسَرْت بِالْمَالِ وَأَتَيْته بِهِ، فَزَعَمَ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا إلَّا نُجُومًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا سُرَّقُ خُذْ هَذَا الْمَالَ، فَاجْعَلْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَدِّ إلَيْهِ نُجُومًا فِي كُلِّ عَامٍ، وَقَدْ عَتَقَ هَذَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ سَيِّدُهُ أَخَذَ الْمَالَ. وَعَنْ عُثْمَانَ نَحْوُهُ.
(وَمَتَى بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ) مُكَاتَبٌ لِسَيِّدِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (عَيْبٌ فَلَهُ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ (أَرْشُهُ) إنْ أَمْسَكَ (أَوْ عِوَضُهُ) ؛ أَيْ: الْمَعِيبِ (بِرَدِّهِ) عَنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْكِتَابَةِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ عِوَضِهِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا، فَوَجَبَ أَرْشُ الْعَيْبِ أَوْ عِوَضُ الْمَعِيبِ؛ جَبْرًا لِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْعَقْدِ (وَلَمْ يَرْتَفِعْ عِتْقُهُ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ بِعِوَضٍ؛ فَلَا يُبْطِلُهُ رَدُّ الْمُعَوَّضِ بِالْعَيْبِ كَالْخُلْعِ (وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ) ؛ أَيْ: الْمُكَاتَبِ مِنْهُ (حَقَّهُ ظَاهِرًا، ثُمَّ قَالَ) السَّيِّدُ (هُوَ حُرٌّ، فَبَانَ) مَا دَفَعَهُ (مُسْتَحَقًّا) ؛ أَيْ: مَغْصُوبًا وَنَحْوَهُ (لَمْ يَعْتِقْ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا قَالَ: هُوَ حُرٌّ اعْتِمَادًا عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ.
(وَإِنْ ادَّعَى سَيِّدٌ تَحْرِيمَهُ) ؛ أَيْ: تَحْرِيمَ مَا أَحْضَرَهُ لَهُ مُكَاتَبُهُ لِيَقْبِضَهُ لَهُ؛ بِأَنْ قَالَ سَيِّدُهُ: هَذَا حَرَامٌ أَوْ غَصْبٌ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ أَقْبِضَهُ مِنْك، وَأَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ وَكَانَتْ لِلسَّيِّدِ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ (قُبِلَ) قَوْلُ السَّيِّدِ (بِبَيِّنَةٍ) وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَنْ لَا يَقْتَضِيَ دَيْنَهُ مِنْ حَرَامٍ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ بِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لِلسَّيِّدِ بَيِّنَةٌ (حَلَفَ مُكَاتَبٌ) أَنَّهُ مِلْكُهُ (ثُمَّ يَجِبُ) عَلَى السَّيِّدِ (أَخْذُهُ، وَيَعْتِقُ) الْمُكَاتَبُ (بِهِ) ؛ أَيْ: بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute