- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَائِشَةَ إلَى أَبِي بَكْرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا مُرْسَلًا.
(وَلَا يُكْرَهُ لِوَلِيٍّ) مُجْبِرٍ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِجَابَةِ لِغَرَضٍ، (وَلَا) يُكْرَهُ (لِامْرَأَةٍ) غَيْرِ مُجْبَرَةٍ، (رُجُوعٌ عَنْ إجَابَةٍ لِغَرَضٍ) صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَمَّنْ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ، فَكَانَ لَهَا الِاحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا وَالْوَلِيُّ قَائِمٌ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) يَكُنْ الرُّجُوعُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (كُرِهَ) مِنْهُ وَمِنْهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ، وَالرُّجُوعِ عَنْ الْقَوْلِ، وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْ، كَمَنْ سَاوَمَ سِلْعَتَهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا. وَإِنْ كَرِهَتْ الْمُجْبَرَةُ الْمُجَابَ، وَاخْتَارَتْ كُفُؤًا غَيْرَهُ (وَ) عَيَّنَتْهُ سَقَطَ حُكْمُ إجَابَةِ وَلِيِّهَا إذْ (اخْتِيَارُهَا) إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ (مُقَدَّمٌ عَلَى اخْتِيَارِ خِطْبَةِ وَلِيٍّ) وَإِنْ كَرِهَتْهُ، وَلَمْ تَخْتَرْ سِوَاهُ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ
(وَمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً فَخَطَبَتْهُ) امْرَأَةٌ (أُخْرَى) أَوْ خَطَبَهُ وَلِيُّهَا يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ لِلْمَخْطُوبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، أَوْ خَطَبَتْهُ امْرَأَةٌ (أَوْ) خَطَبَهُ (وَلِيُّهَا ابْتِدَاءً، فَأَجَابَ، فَخَطَبَهَا) رَجُلٌ (آخَرُ، يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ. قَالَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ لِلْخَاطِبِ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ إيذَاءٌ لِلْمَخْطُوبِ، إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبُ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الْإِيذَاءِ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، انْتَهَى.
تَتِمَّةٌ: قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي جَوَازَ خِطْبَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى خِطْبَةِ أُخْتِهَا وَصَرَّحَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " بِالْمَنْعِ، وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ تُسَاعِدُهُ، وَأَمَّا السَّعْيُ مِنْ الْأَبِ لِلْأَيِّمِ فِي التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارُ الْأَكْفَاءِ فَمُسْتَحَبٌّ؛ لِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ عَرَضَ حَفْصَةَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: (وَفِي تَحْرِيمِ خِطْبَةِ مَنْ أَذِنَتْ) هِيَ (لِوَلِيِّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute