للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ، وَكَذَا: إنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي بِنْتًا، فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ.

الشَّرْطُ (الثَّانِي: رِضَى زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) أَيْ: بَالِغٍ عَاقِلٍ (رَشِيدٍ) (وَلَوْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ (رَقِيقًا) نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ إجْبَارَهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ خَالِصُ حَقِّهِ، وَنَفْعُهُ لَهُ؛ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ، وَالْأَمْرُ بِإِنْكَاحِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] مُخْتَصٌّ بِحَالِ طَلَبِهِ، بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَيَامَى، وَإِنَّمَا يُزَوَّجْنَ عِنْدَ الطَّلَبِ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ تَزْوِيجُهُ إذَا طَلَبَ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِهَا وَالِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَيُفَارِقُ النِّكَاحُ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ بَدَنِهِ، وَسَيِّدُهُ يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهَا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَرِضَى زَوْجَةٍ حُرَّةٍ عَاقِلَةٍ ثَيِّبٍ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ) وَلَهَا إذْنٌ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ، فَيُشْتَرَطُ مَعَ ثُيُوبَتِهَا، وَيُسَنُّ مَعَ بَكَارَتِهَا نَصًّا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَوَجْهُ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِبِنْتِ تِسْعٍ، مَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: وَمَعْنَاهُ، فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلنِّكَاحِ، وَتَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَيُجْبِرُ أَبٌ لَا جَدٌّ ثَيِّبًا دُونَ ذَلِكَ) أَيْ: دُونَ تِسْعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا مُعْتَبَرٌ، (وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (بِكْرًا أَوْ لَوْ) كَانَتْ (مُكَلَّفَةً) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَقَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ، وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا، فَدَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ، وَهِيَ الْبِكْرُ، فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا، وَدَلَّ الْحَدِيثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>