عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هُنَا وَالِاسْتِئْذَانَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ.
(وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ: الْبِكْرِ إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ؛ لِمَا سَبَقَ (مَعَ) اسْتِئْذَانِ (أُمِّهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ، وَلَوْ) كَانَتْ (مُجْبَرَةً كُفْئًا، لَا بِتَعْيِينِ أَبٍ) أَوْ وَصِيِّهِ نَصًّا، فَإِنْ عَيَّنَتْ غَيْرَ كُفْءٍ، قُدِّمَ تَعْيِينُ الْأَبِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمُجْبِرُ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَنْ عَيَّنَتْهُ بِنْتُ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ؛ فَهُوَ عَاضِلٌ (سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ) وَيَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْأَبِ تَزْوِيجُ حُرَّةٍ بَالِغَةٍ ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا، إلَّا بِإِذْنِهَا، لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (مَجْنُونَةً وَلَوْ) كَانَتْ (بِلَا شَهْوَةٍ أَوْ) كَانَتْ (ثَيِّبًا أَوْ بَالِغَةً) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ انْتَفَتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ بِخِبْرَةِ نَظَرِهَا لِنَفْسِهَا، بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ. (وَيُزَوَّجُهَا) أَيْ: الْمَجْنُونَةَ (وَلِيُّهَا مَعَ شَهْوَتِهَا) مُجْبِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ؛ لِأَنَّ لَهَا حَاجَةً إلَى النِّكَاحِ؛ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا، وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ، وَتَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفَافِ، وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إذْنِهَا، فَأُبِيحَ تَزْوِيجُهَا كَالْبِنْتِ مَعَ أَبِيهَا. (وَتُعْرَفُ) شَهْوَتُهَا (بِكَلَامِهَا وَ) قَرَائِنِ أَحْوَالِهَا (بِتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمِيلِهَا إلَيْهِمْ) وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ) - وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ثِقَةٌ مِنْهُمْ إنْ تَعَذَّرَ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَاثْنَانِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ - (إنَّ: عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا) فَلِكُلِّ وَلِيٍّ تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهَا (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ: الْمَجْنُونَةِ ذَاتِ الشَّهْوَةِ، وَنَحْوِهَا (وَلِيٌّ إلَّا الْحَاكِمَ؛ زَوَّجَهَا) لِمَا سَبَقَ.
(وَيُجْبِرُ) أَبٌ (ابْنًا صَغِيرًا) أَيْ: غَيْرَ بَالِغٍ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَاخْتَصَمُوا إلَى زَيْدٍ فَأَجَازَهُ جَمِيعًا. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلَهُ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ لِحَاجَةٍ، وَالْكِفَايَةُ تَحْصُلُ بِذَلِكَ، لَا أَنْ تَكُونَ غَائِبَةً أَوْ صَغِيرَةً طِفْلَةً وَبِهِ حَاجَةٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ثَانِيَةً. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
(وَ) يُجْبِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute