أَبٌ (بَالِغًا مَجْنُونًا) مُطْبَقًا وَمَعْتُوهًا (وَلَوْ كَانَ بِلَا شَهْوَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ؛ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ، فَإِذَا جَازَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ، وَتَوَقُّعِ نَظَرِهِ فَعِنْدَ حَاجَتِهِ أَوْلَى، وَرُبَّمَا كَانَ النِّكَاحُ دَوَاءً لَهُ يُرْجَى بِهِ شِفَاؤُهُ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيوَاءِ وَالْحِفْظِ، أَوْ أَيْ: وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ) كَتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِمَصْلَحَةٍ (وَيُزَوِّجُهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرَ وَالْبَالِغَ الْمَجْنُونَ (مَعَ عَدَمِ أَبٍ وَصِيُّهُ) أَيْ: الْأَبِ فِي النِّكَاحِ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأَبِ (فَإِنْ عُدِمَ) وَصِيُّ الْأَبِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ) إلَى نِكَاحِهِمَا (فَحَاكِمٌ) يُزَوِّجُهُمَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِمَا بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ. تَتِمَّةٌ
: وَمَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ تَثْبُتْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَاقِلِ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِبِرْسَامٍ أَوْ مَرَضٍ مَرْجُوٍّ لِلزَّوَالِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَاقِلِ، فَإِنْ دَامَ بِهِ صَارَ كَالْمَجْنُونِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا أَوْ يَكُونَ النِّكَاحُ أَصْلَحَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ زَمِنًا أَوْ ضَعِيفًا يَحْتَاجُ إلَى امْرَأَةٍ تَخْدُمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجُهُ. وَلِلْأَبِ قَبُولُ النِّكَاحِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلِابْنِهِ الْمَجْنُونِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ مَعَ ظُهُورِ أَمَارَاتِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا.
(وَيَصِحُّ قَبُولُ) صَبِيٍّ (مُمَيِّزٍ لِنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فِي مَالِهِ لِمَصْلَحَةٍ) نَصًّا، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ.
، وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ طِفْلٍ دُونَ التَّمْيِيزِ لِنِكَاحِهِ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا، لِأَنَّ قَوْلَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
(وَلِكُلِّ وَلِيٍّ) مِنْ أَبٍ وَوَصِيِّهِ وَبَقِيَّةِ الْعَصَبَاتِ (وَحَاكِمٍ تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ بِإِذْنِهَا) نَصًّا، (وَهُوَ) أَيْ: اسْتِئْذَانُهَا (مُعْتَبَرٌ) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا، وَأَنَّ لَهَا إذْنًا صَحِيحًا، وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا بِالِاتِّفَاقِ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute