أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمَعْنَاهُ: فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلنِّكَاحِ، وَتَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ.
وَ (لَا) يُزَوِّجُ غَيْرُ أَبٍ وَوَصِيِّهِ (مَنْ) أَيْ: صَغِيرَةً (دُونَ تِسْعِ) سِنِينَ (بِحَالٍ) مِنْ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا، وَغَيْرُ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ لَا إجْبَارَ لَهُ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّهَا يَتِيمَةٌ، وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بِإِذْنِهَا» وَالصَّغِيرَةُ لَا إذْنَ لَهَا بِحَالٍ (وَلَا لِلْحَاكِمِ: تَزْوِيجُهَا) أَيْ: بِنْتٍ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ كَغَيْرِهِ، خِلَافًا لِمَا فِي " الْفُرُوعِ " فَإِنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ، وَإِنْ مَنَعْنَا غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مُوَافِقًا عَلَى ذَلِكَ، بَلْ صَرَّحَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " " وَالرِّعَايَةِ " وَغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (غَيْرَ وَصِيِّ أَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ فِي إجْبَارِهَا.
(وَإِذْنُ ثَيِّبٍ بِوَطْءِ آدَمِيٍّ) لَا غَيْرُ (فِي قُبُلٍ وَلَوْ) كَانَ وَطْؤُهَا (بِزِنًا) لِأَنَّهُ لَوْ وَصَّى لِلثَّيِّبِ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ وَصَّى لِلْأَبْكَارِ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِنَّ (أَوْ مَعَ عَوْدِ بَكَارَةٍ) بَعْدَ وَطْئِهَا بِآلَةِ الرِّجَالِ (الْكَلَامَ) لِحَدِيثِ: «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي اقْتَضَتْ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبِكْرِ مُبَاضَعَةُ الرِّجَالِ وَمُخَالَطَتُهُمْ، وَهَذَا مَوْجُودٌ مَعَ عَوْدِ الْبَكَارَةِ.
(وَ) إذْنُ (بِكْرٍ وَلَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرٍ أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ أَبٍ، الصُّمَاتُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ: «قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْبِنْتَ تَسْتَحِي، قَالَ: رِضَاهَا صُمَاتُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) كَانَ إذْنًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ، فَإِذَا بَكَتْ أَوْ سَكَتَتْ؛ فَهُوَ رِضَاهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» ؛ وَلِأَنَّهَا غَيْرُ نَاطِقَةٍ بِالِامْتِنَاعِ مَعَ سَمَاعِ الِاسْتِئْذَانِ، فَكَانَ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهَا كَالصُّمَاتِ، وَالْبُكَاءُ يَدُلُّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute