للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَذَلِكَ يُزَوِّجُونَ؛ وَإِذَا اجْتَمَعَ ابْنُ مُعْتِقَةِ وَأَبُوهَا (فَابْنٌ أَحَقُّ) بِتَزْوِيجِ عَتِيقَةِ أُمِّهِ (مِنْ أَبِ الْمُعْتِقَةِ) ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمَوْلَاةِ أَقْرَبُ مِنْ أَبِيهَا؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ بِمُقْتَضَى وَلَاءِ الْعِتْقِ، وَالْوَلَاءُ يُقَدَّمُ فِيهِ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ.

تَنْبِيهٌ وَيُعْتَبَرُ فِي أَحَقِّيَّةِ ابْنِ الْمُعْتِقَةِ الْوِلَايَةَ مِنْ أَبِيهَا شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ أَقْرَبُ مِنْ الْمُعْتِقِ وَأَوْلَى مِنْهُ. الثَّانِي: إذْنُ الْمُزَوَّجَةِ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إجْبَارٍ. فَإِنَّهُ أَبْعَدُ الْعَصَبَاتِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ مَوْلَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا مِلْكَ؛ فَأَشْبَهَتْ الْقَرِيبَ الطِّفْلَ إذَا زَوَّجَ الْبَعِيدَ، (وَ) قِيلَ: إنَّهُ (يُجْبِرُ الْعَتِيقَةَ) أَيْ: عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ (مَنْ يُجْبِرُ مَوْلَاتَهَا) عَلَى النِّكَاحِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعَتِيقَةُ بِكْرًا وَلِمَوْلَاتِهَا أَبٌ أَجْبَرَهَا كَمَوْلَاتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَالَ عَنْ عَدَمِ الْإِجْبَارِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ صَاحِبِ " الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الْكَبِيرَةِ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْعَتِيقَةُ كَبِيرَةً فَلَا إجْبَارَ، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَتِمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْثِيلِ بِهَا فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ".

(وَالْأَحَقُّ بِإِنْكَاحِ حُرَّةٍ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (أَبُوهَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: ٩٠] وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: ٣٩] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَكْمَلُ شَفَقَةً وَأَتَمَّ نَظَرًا، بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُ مِنْ مَالِهَا (فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) لِأَنَّ الْجَدَّ لَهُ إيلَادٌ وَتَعْصِيبٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ وَابْنِهِ كَالْأَبِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ فَأَوْلَاهُمْ أَقْرَبُهُمْ كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ (فَابْنُهَا) أَيْ: الْحُرَّةِ (فَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ) وَإِنْ اجْتَمَعَ أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ؛ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ؛ لِحَدِيثِ «أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إلَيْهَا، فَقَالَتْ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>