فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِك شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزَوَّجَهُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، حِينَ زَوَّجَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّهُ أُمَّ سَلَمَةَ، أَلَيْسَ كَانَ صَغِيرًا؟ قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ كَانَ صَغِيرًا؟ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ، وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ مِنْ عَصَبَتِهَا، فَثَبَتَتْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا كَأَخِيهَا (فَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ) كَالْمِيرَاثِ، (فَ) الْأَخُ (لِأَبٍ) لِأَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ حَقٌّ يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ، فَقُدِّمَ فِيهِ الْأَخُ كَالْمِيرَاثِ، وَكَاسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ (فَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ) (فَ) ابْنُ أَخٍ (لِأَبٍ، وَإِنْ سَفَلَا) أَيْ: ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (فَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ فَعَمٌّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمَا) أَيْ: الْعَمَّيْنِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (كَذَلِكَ) أَيْ: وَإِنْ سَفَلُوا يُقَدَّمُ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ (ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةِ نَسَبٍ) كَعَمِّ الْأَبِ، ثُمَّ بَنِيهِ، ثُمَّ عَمِّ الْجَدِّ، ثُمَّ بَنِيهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَلَوْا (كَإِرْثٍ) أَيْ: تَرْتِيبِ الْوِلَايَةِ بَعْدَ الْإِخْوَةِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ بِالتَّعْصِيبِ، فَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَحَقُّهُمْ بِالْوِلَايَةِ، فَلَا يَلِي بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ، وَأَوْلَى وَلَدُ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْوِلَايَةِ عَلَى الشَّفَقَةِ وَالنَّظَرِ، وَمَظِنَّتُهَا الْقَرَابَةُ، فَأَقْرَبُهُمْ أَشْفَقُهُمْ، وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْعَصَبَاتِ كَالْأَخِ لِأُمٍّ وَعَمٍّ لِأُمٍّ وَبَنِيهِ، وَالْخَالِ وَأَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهِمْ نَصًّا، لِقَوْلِ عَلِيٍّ: إذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحَقَائِقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى، يَعْنِي إذَا أَدْرَكْنَ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْغَرِيبِ " وَلِأَنَّ مَنْ لَيْسَ مِنْ عَصَبَتِهَا شَبِيهٌ بِالْأَجْنَبِيِّ مِنْهَا. (وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ) وَلِيٍّ (أَقْرَبَ بِإِسْقَاطِهِ لَهُ) كَمَا لَوْ أَسْقَطَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَكَذَا الْوِلَايَةُ فِي النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهَا حَقٌّ اسْتَفَادَهُ بِسَبَبِ التَّعْصِيبِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِإِسْقَاطِهِ (ثُمَّ) يَلِي نِكَاحَ حُرَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَتِهَا مِنْ النَّسَبِ (الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ) بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُهَا وَيَعْقِلُ عَنْهَا، فَكَانَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَقَدَّمُوا عَلَيْهِ عَصَبَةَ النَّسَبِ كَمَا قُدِّمُوا عَلَيْهِ فِي الْإِرْثِ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) ؛ أَيْ: الْمَوْلَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute