يُزَوِّجُونَهَا بِإِذْنِهَا، وَلَوْ تَفَاوَتُوا فِي الْعِتْقِ، فَإِنْ اشْتَجَرُوا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً، وَصَارَ نِكَاحُهَا حَقًّا لَهَا، وَلَا يَسْتَقِلُّ الْآخِرُ بِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ سَبَبُهَا الْعِتْقُ، وَهُوَ إنَّمَا أَعْتَقَ بَعْضَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ الْمُعْتِقَةُ وَاحِدًا وَلَهُ عَصَبَتَانِ كَالِابْنَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ، فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِتَزْوِيجِهَا بِإِذْنِهَا، كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ، وَإِنَّمَا زَوَّجَ بِكَوْنِهِ عَصَبَةً لِلْمُعْتِقِ، وَلَا تَبَعُّضَ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُعْتَقَيْنِ وَعَصَبَتَيْهِمَا؛ وَلَا تَزُولُ الْوِلَايَةُ بِالْإِغْمَاءِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ عَادَةً كَالنَّوْمِ، وَلَا بِالْعَمَى لِأَنَّ الْأَعْمَى أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ كَالْبَصِيرِ، وَلَا بِالسَّفَهِ؛ لِأَنَّ رُشْدَ الْمَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا الْخَرَسُ فَإِنْ مَنَعَ فَهْمَ الْإِشَارَةِ أَزَالَ الْوِلَايَةَ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَزُلْ الْوِلَايَةُ؛ لِأَنَّ الْأَخْرَسَ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ؛ فَصَحَّ تَزْوِيجُهُ، كَالنَّاطِقِ.
(وَشُرِطَ فِي وَلِيٍّ) سَبْعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا - (ذُكُورِيَّةٌ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَثْبُتُ لَهَا وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهَا فَعَلَى غَيْرِهَا أَوْلَى.
(وَ) الثَّانِي - (بُلُوغٌ) لِأَنَّ الْوِلَايَةَ يُعْتَبَرُ لَهَا كَمَالُ الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا تَنْفِيذُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَوْلًى عَلَيْهِ لِقُصُورِ نَظَرِهِ؛ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةٌ كَالْمَرْأَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُزَوَّجُ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ، لَيْسَ لَهُ أَمْرٌ.
(وَ) الثَّالِثُ - (عَقْلٌ) فَلَا وِلَايَةَ لِمَجْنُونٍ مُطْبِقٍ (فَإِنْ جُنَّ) الْوَلِيُّ (أَحْيَانًا) أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَنْ يُرْجَى زَوَالُهُ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (اُنْتُظِرَ) زَوَالُهُ ذَلِكَ (كَإِغْمَاءٍ) لِأَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَطُولُ عَادَةً (وَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ) بِطَرَيَانِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْوِلَايَةَ.
(وَ) الرَّابِعُ - (حُرِّيَّةٌ)
أَيْ: كَمَالُهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُبَعَّضَ لَا يَسْتَقِلَّانِ بِالْوِلَايَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَعَلَى غَيْرِهِمَا أَوْلَى (إلَّا مُكَاتَبًا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَيَصِحُّ، وَتَقَدَّمَ.
وَالْخَامِسُ - (اتِّفَاقُ دِينِ) الْوَلِيِّ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهَا، فَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ، وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَا لِنَصْرَانِيٍّ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ وَنَحْوُهُ وَلَوْ بِنْتِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute