للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا بِالنَّسَبِ (إلَّا السُّلْطَانَ) فَيُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ الْكَوَافِرِ، لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ عَلَى أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهَذِهِ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ، فَتَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا كَالْمُسْلِمَةِ (وَإِلَّا أَمَةَ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ) فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِكَافِرٍ، وَكَذَا أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِمُسْلِمَةٍ، فَيُزَوِّجُهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا عَلَى مَا سَبَقَ (وَإِلَّا أُمَّ وَلَدٍ لِكَافِرٍ أَسْلَمَتْ) فَيُزَوِّجُهَا لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ. وَلِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا فَيَلِيَهُ كَإِجَارَتِهَا (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ (مُدَبَّرَتِهِ وَلَا مُكَاتَبَتِهِ) إذَا أَسْلَمَتَا، قَالَهُ فِي " الْهِدَايَةِ "، " وَالْمَذْهَبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ فِي مِلْكِهِ؛ لِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا، بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي الْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، فَإِنْ قَالَ: وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ بِنْتِهِ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتُهُ وَمُدَبَّرَتُهُ؛ فَيَلِيَهُ، وَيُبَاشِرُهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَ) السَّادِسُ - (عَدَالَةٌ) نَصًّا؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا نِكَاحَ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا. «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَرَوَى الْبَرْقَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ؛ فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهَا الْفَاسِقُ كَوِلَايَةِ الْمَالِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْعَدَالَةُ (ظَاهِرَةً) فَيَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ، وَيُفْضِي إلَى بُطْلَانِ غَالِبِ الْأَنْكِحَةِ (إلَّا فِي سُلْطَانٍ) يُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا؛ فَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ لِلْحَاجَةِ؛ (وَ) إلَّا فِي (سَيِّدِ أَمَةٍ) فَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ؛ كَمَا لَوْ أَجَرَهَا.

(وَ) السَّابِعُ - (رُشْدٌ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، (وَهُوَ) أَيْ: الرُّشْدُ هُنَا (مَعْرِفَةُ الْكُفْءِ وَمَصَالِحِ النِّكَاحِ) وَلَيْسَ هُوَ حِفْظَ الْمَالِ، فَإِنَّ رُشْدَ كُلِّ مَقَامٍ بِحَسَبِهِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا اشْتَرَطَهُ فِي " الْوَاضِحِ " مِنْ كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمَصَالِحِ، لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَيُقَدِّمُ الْوَلِيُّ أَصْلَحَ الْخَاطِبَيْنِ لِمُوَلِّيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهَا. وَفِي " النَّوَادِرِ ": يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ لِمُوَلِّيَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>