مِلْكُ الْمُسْتَأْجِرِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا، فَعِوَضُهَا لَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ النِّكَاحُ الثَّانِي إلَى فَسْخٍ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ، فَلَا يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ دُونَ الْخَلْوَةِ وَالْمُفَاخَذَةِ، لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ، فَلَا حُكْمَ لَهُ. (وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (السَّبْقَ، فَأَقَرَّتْ بِهِ لِأَحَدِهِمَا) فَلَا أَثَرَ لَهُ كَمَا سَبَقَ (ثُمَّ إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُمَا، أَوْ طَلَّقَاهَا (فَالْمَهْرُ) بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلِهِ نِصْفُهُ (عَلَى الْمَقَرِّ لَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِهِ لَهَا، وَتَصْدِيقِهَا لَهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ) أَيْ: الْمَقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى إقْرَارِهِمَا (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي بُطْلَانَ نِكَاحِهِ لِتَأَخُّرِهِ (وَإِنْ مَاتَتْ) مَنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ، وَصَدَّقَهَا (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ (فَفِي إرْثِهِ إيَّاهَا احْتِمَالَانِ) أَحَدُهُمَا: لِأَحَدِهِمَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ يَقِفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قُرِعَ حَلَفَ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَوَرِثَ، وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُغْنِي " " وَالشَّرْحِ " فَقَالَا: وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُمَا احْتَمَلَ أَنْ يَرِثَهَا الْمَقَرُّ لَهُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا لَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ ": قُلْت: كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يُخَرَّجُ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا لَا نَقِفُ بِالْخُصُومَاتِ قَطُّ. وَأَمَّا الثَّانِي فَكَيْفَ يَحْلِفُ مَنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْحَالَ؟ ، وَإِنَّمَا الْمَذْهَبُ عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ أَيُّهُمَا قُرِعَ فَلَهُ الْمِيرَاثُ بِلَا يَمِينٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فِي رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، زَوَّجَ إحْدَاهُنَّ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَيَّتَهُنَّ زَوَّجَ، يُقْرَعُ، فَأَيَّتَهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ؛ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَقَدْ كَتَبْنَاهَا. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُقْرَعُ، فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهَا تَأْخُذُ مِنْ أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْمَهْرِ بِالْقُرْعَةِ؛ فَكَذَلِكَ يَرِثُهَا أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا مَهْرَ فَهُنَا قَدْ يُقَالُ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا. انْتَهَى. (وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا) بِالسَّبْقِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَ) مَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ فِي (حَيَاتِهِ) أَيْ: فَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهَا، وَلَا إرْثَ لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْإِنْكَارُ لِاسْتِحْقَاقِهَا، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute