للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَوْ قَالَ: (أَعْتَقْتُك وَزَوِّجِينِي نَفْسَك؛ عَتَقَتْ) لِتَنْجِيزِ عِتْقِهَا (وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) مِنْ قِيمَةِ نَفْسِهَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْزَمَهَا بِمَا لَا يَلْزَمْهَا، وَلَمْ تَلْتَزِمْهُ. وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ (زَوَّجْتُك لِزَيْدٍ، وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك) وَنَحْوَهُ كَزَوَّجْتُ أَمَتِي لِزَيْدٍ، وَعِتْقُهَا صَدَاقُهَا؛ صَحَّ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ (أَعْتِقُك، وَزَوَّجْتُك لَهُ) أَيْ: لِزَيْدٍ (عَلَى أَلْفٍ وَقَبِلَ) زَيْدٌ النِّكَاحَ (فِيهِمَا) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ (صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ (أَعْتِقُك وَأَكْرَيْتُك مِنْهُ) أَيْ: مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (سَنَةً بِأَلْفٍ) فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالْإِجَارَةُ إنْ قَبِلَهَا زَيْدٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَزَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ وَهَبْتُكهَا وَأَكْرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ بِعْتُكهَا وَزَوَّجْتُهَا أَوْ أَكْرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ؛ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّا نُجَوِّزُ الْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالْبَيْعَ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ وَقَدْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ وَالْإِنْكَاحُ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَاحِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ، لِأَنَّهَا حِينَ الْإِعْتَاقِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. ذَكَرَهُ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " (وَلَا بَأْسَ بِعِتْقِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا) سَوَاءٌ أَعْتَقَهَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ؛ أَوْ أَعْتَقَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا إذْ لَا مَحْظُورَ فِيهِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ فَعَلَّمَهَا. وَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا أَوْ أَحْسَنَ إلَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا؛ فَلَهُ أَجْرَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَ) إذَا قَالَ مُكَلَّفٌ لِآخَرَ (اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي، فَأَعْتَقَهُ) لَمْ يَلْزَمْ الْقَائِلَ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (فَإِنْ زَوَّجَهُ) ابْنَتَهُ فَلَا كَلَامَ (وَإِلَّا) يُزَوِّجْهُ إيَّاهَا (لَزِمَهُ) أَيْ: قَائِلَ ذَلِكَ لِلْمُعْتِقِ (قِيمَتُهُ) أَيْ: الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، وَتَقَدَّمَ.

الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: الشَّهَادَةُ) عَلَى النِّكَاحِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ خَوْفَ الْإِنْكَارِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ حُضُورِ أَرْبَعَةٍ: الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشَّاهِدَانِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَغَايَا اللَّوَاتِي يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>