مَرَقَ مِنْ الدِّينِ، وَلَا مِنْ الرَّافِضِيِّ، وَلَا مِنْ الْقَدَرِيِّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَدْعُو فَلَا بَأْسَ. قَالَ الْقَاضِي: الْمُبْتَدِعُ إنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ؛ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَالْمُرْتَدِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِفِسْقِهِ؛ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ؛ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِكُفْرِهِ وَلَا فِسْقِهِ وَهُوَ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لَا يَدْعُو إلَى ذَلِكَ؛ صَحَّ النِّكَاحُ. انْتَهَى.
(وَ) لَا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ (عَدْلٌ بِفَاسِقٍ) كَشَارِبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ، سَكِرَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَسْكَرْ، وَكَذَلِكَ مَنْ سَكِرَ مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرِ لَمْ يَكُنْ كُفْئًا. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قُلْت لِإِسْحَاقَ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ مِمَّنْ يُشْرِبُ الْخَمْرَ. قَالَ: لَا، هَذَا فَاسِقٌ، فَإِذَا زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهُ، وَلِأَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، وَذَلِكَ نَقْصٌ فِي إنْسَانِيَّتِهِ؛ فَلَيْسَ كُفْءٌ لِعَدْلٍ.
(وَ) الثَّانِي (مَنْصِبٌ، وَهُوَ النَّسَبُ فَلَا تُزَوَّجُ عَرَبِيَّةٌ) مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ (بِعَجَمِيٍّ) وَهُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ، وَلَا: بِوَلَدِ زِنًا؛ لِقَوْلِ عُمَرَ: لَأَمْنَعَنَّ تَزَوُّجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَقِدُونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ، وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» وَلِأَنَّ الْعَرَبَ فَضَلَتْ الْأُمَمَ بِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَ) الثَّالِثُ (حُرِّيَّةٌ، فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ وَلَوْ عَتِيقَةٌ بِعَبْدٍ أَوْ مُبَعَّضٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ، غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ، وَلِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِرَقَبَتِهِ يُشْبِهُ مِلْكَ الْبَهِيمَةِ، فَلَا يُسَاوِي الْحُرَّةَ لِذَلِكَ (وَيَصِحُّ) النِّكَاحُ (إنْ عَتَقَ) الْعَبْدُ (مَعَ قَبُولِهِ) النِّكَاحَ (كَ) قَوْلِ سَيِّدِهِ لَهُ (أَعْتَقْتُك مَعَ قَبُولِك النِّكَاحَ) أَوْ يَكُونُ السَّيِّدُ وَكِيلًا عَنْ عَبْدِهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ، فَيَقُولُ بَعْدَ إيجَابِ النِّكَاحِ لِعَبْدِهِ: قَبِلْت لَهُ هَذَا النِّكَاحَ، وَأَعْتَقْته؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ بَعْدَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَتِيقَ كُلَّهُ كُفْءٌ لِحُرَّةِ الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute