أَوْ لِأُمٍّ (وَإِنْ عَلَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وَأُمَّهَاتُك كُلُّ مَنْ انْتَسَبْت إلَيْهَا بِوِلَادَةٍ، سَوَاءٌ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ الْأُمِّ حَقِيقَةً وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْك أَوْ مَجَازًا وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك وَإِنْ عَلَتْ، وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ. ذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ» . وَبَنُو مَاءِ السَّمَاءِ طَائِفَةٌ مِنْ الْعَرَبِ، وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِينَا آدَمَ وَأُمِّنَا حَوَّاءَ " (وَالْبَنَاتُ) لِصُلْبٍ (وَبَنَاتُ الْوَلَدِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] (وَلَوْ مَنْفِيَّاتٍ بِلِعَانٍ، أَوْ) كُنَّ (مِنْ زِنًا) أَوْ شُبْهَةٍ؛ لِدُخُولِهِنَّ فِي عُمُومِ، اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ بِنْتَهُ مِنْ الزِّنَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ، فَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ كَتَحْرِيمِ الزَّانِيَةِ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَا، وَكَبِنْتِهِ مِنْ النِّكَاحِ، وَتَخَلُّفُ بَعْضِ الْأَحْكَامِ لَا يَنْفِي كَوْنَهَا بِنْتًا، كَمَا لَوْ تَخَلَّفَ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِكَوْنِهَا مِنْهُ، مِثْلَ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً، فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَحْفَظُهَا حَتَّى تَضَعَ، أَوْ يَشْتَرِكَ جَمَاعَةٌ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ، فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لَا يَعْلَمُ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ الثَّانِي: أَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهَا بِنْتُ بَعْضِهِمْ فَتَحْرُمُ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ، وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَحُرِّمَتْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ بَعْضِهِمْ غَيْرَ مَعْلُومٍ، فَإِنْ أَلْحَقْتهَا الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمْ؛ حَلَّتْ لِأَوْلَادِ الْبَاقِينَ، وَالْمَنْفِيَّةُ بِلِعَانٍ لَا يَسْقُطُ احْتِمَالُ كَوْنِهَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ (وَيَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا بِنْتُهُ ظَاهِرًا، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ لِغَيْرِهِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الشَّبَهَ يَكْفِي فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: «أَلَيْسَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ، ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ وَقَالَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَقَالَ: إنَّمَا حَجَبَهَا لِلشَّبَهِ الَّذِي رَآهُ بِعَيْنِهِ (وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute