أَحَدُهُمَا: وَمَهْرُ ابْنَتِي مِائَةٌ، وَمَهْرُ ابْنَتِك خَمْسُونَ، أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ؛ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا بِالْمُسَمَّى نَصًّا. قَالَ فِي " الْمُجَرَّدِ " " وَالْفُصُولِ " فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي هَذَا الْعَقْدِ تَشْرِيكٌ، وَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ شَرْطٌ؛ فَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّ الْعَقْدُ، وَمَحِلُّ الصِّحَّةِ: إنْ كَانَ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (مُسْتَقِلًّا) عَنْ بُضْعِ الْأُخْرَى، فَإِنْ جُعِلَ الْمُسَمَّى دَرَاهِمَ وَبُضْعَ الْأُخْرَى لَمْ يَصِحَّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ قَلَّ) صَحَّ النِّكَاحُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) بِقَوْلِهِ: فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ قَلِيلٍ، وَلَا حِيلَةَ؛ صَحَّ.
فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْقَلِيلِ سَوَاءٌ كَانَ حِيلَةً أَوْ لَا؛ لِجَعْلِهِ إيَّاهُ قَسِيمًا لِلْحِيلَةِ، كَمَا فِي " التَّنْقِيحِ " وَغَيْرِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَهْرُ قَلِيلًا وَلَمْ يَكُنْ حِيلَةً؛ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا حِيلَةَ) (فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ قَلِيلًا حِيلَةً؛ لَمْ يَصِحَّ؛) لِمَا تَقَدَّمَ فِي بُطْلَانِ الْحِيَلِ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ " وَالْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِمَا (إنْ كَانَ كَثِيرًا صَحَّ) وَلَوْ حِيلَةً، وَعِبَارَةُ " الْمُنْتَهَى " تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ " التَّنْقِيحِ " وَاعْتَرَضَ الْحَجَّاوِيُّ " التَّنْقِيحَ " فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ سَمَّى) الْمَهْرَ (لِإِحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى (صَحَّ نِكَاحُهَا) أَيْ: مَنْ سَمَّى الْمَهْرَ لَهَا (فَقَطْ) لِأَنَّ فِي نِكَاحِ الْمُسَمَّى لَهَا تَسْمِيَةً وَشَرْطًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سُمِّيَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ.
وَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتك، وَتَكُونُ رَقَبَتُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِك؛ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا سِوَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ. وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا؛ صَحَّ، لِأَنَّ الْجَارِيَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا.
وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ، فَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
(وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ) وَهُوَ الثَّانِي مِنْ الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمُبْطِلَةِ لِلنِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، سُمِّيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute