مُحَلِّلًا لِقَصْدِهِ الْحِلَّ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحْصُلُ فِيهِ الْحِلُّ (وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ: الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا (عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا) لِمُطَلَّقِهَا أَيْ وَطِئَهَا (طَلَّقَهَا أَوْ) يَتَزَوَّجُهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ (فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ حَرَامٌ بَاطِلٌ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَابْنُهُ، وَعُثْمَانُ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مَلْعُونَانِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
(أَوْ يَنْوِيَهُ) أَيْ: التَّحْلِيلَ (الزَّوْجُ) وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْضًا. قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعْدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَفِي نَفْسِهِ أَنْ يُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ. قَالَ: هُوَ مُحَلِّلٌ، إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِحْلَالَ؛ فَهُوَ مَلْعُونٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الصَّحَابَةِ. وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتهَا أَحِلُّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ، قَالَ: لَا، الْإِنْكَاحُ رَغْبَةٌ إنْ أَعْجَبَتْك أَمْسَكْتهَا، وَإِنْ كَرِهْتهَا فَارَقْتهَا، وَإِنْ كُنَّا نَعُدُّهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِفَاحًا. وَقَالَ: لَا يَزَالَا زَانِيَيْنِ وَلَوْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا، وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ. وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا أَيَحِلُّهَا لَهُ رَجُلٌ؟ قَالَ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.
(أَوْ يَتَّفِقَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَنَّهُ نِكَاحُ مُحَلِّلٍ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يُذْكَرْ حَالَ الْعَقْدِ؛ فَلَا يَصِحُّ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، وَيَنْوِي حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ، صَحَّ؛ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَشَرْطِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ ذِي الرُّقْعَتَيْنِ الْآتِي
(أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute