عِنْدَ انْقِضَائِهَا. انْتَهَى. فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَصِحُّ الْعَجْزُ عَنْ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ تَنْهَضُ شَهْوَتُهُ فِي حَقِّ إحْدَاهُمَا لِفَرْطِ حُبِّهِ إيَّاهَا وَمَيْلِهِ إلَيْهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِجَمَالٍ وَنَحْوِهِ دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَزُولُ عُنَّتُهُ بِوَطْءِ مُدَّعِيَتِهِ (فِي دُبُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْوَطْءِ فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا إحْلَالٌ لِمُطَلَّقِهَا ثَلَاثًا، وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ؛ لِأَنَّ الْعُنَّةَ قَدْ تَطْرَأُ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا فَعُنَّ عَنْهَا، ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَعُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى فَفِي نِكَاحٍ دُونَ نِكَاحٍ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَوَطِئَهَا فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَابْنِ مَنْصُورٍ: إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَرَّةً؛ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَثْرَمِ: إذَا وَصَلَ إلَى امْرَأَتِهِ مَرَّةً لَيْسَ بِعِنِّينٍ؛ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَعْدُ، وَإِنْ طَالَبَتْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ؛ أُجِّلَ) قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ " لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ مِلْكِ الْفَسْخِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ، وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمَجْنُونُ وَالْعَاقِلُ، (وَ) يَكُونُ الْقَوْلُ (قَوْلَهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ وَلَوْ) كَانَتْ (ثَيِّبًا) لِأَنَّ قَوْلَ الْمَجْنُونِ لَا حُكْمَ لَهُ. قَالَ فِي الْمُنْتَهَى " وَمَجْنُونٌ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ كَعَاقِلٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ؛ فَمَفْهُومُهُ إذَا لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُجَنَّ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ الْمُدَّةُ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ إلَى خِلَافِهِ (وَمَنْ حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ) فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ (حَتَّى انْتَهَتْ) الْمُدَّةُ (وَلَمْ يَطَأْهَا فَلِوَلِيِّهَا) أَيْ: الْمَجْنُونَةِ (الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَتِهَا، وَتَحَقُّقِ احْتِيَاجِهَا لِلْوَطْءِ بِدَلِيلِ طَلَبِهَا قَبْلَ جُنُونِهَا.
(وَيَسْقُطُ حَقُّ زَوْجَةِ عِنِّينٍ وَ) زَوْجَةِ (مَقْطُوعِ بَعْضِ ذَكَرِهِ بِتَغْيِيبِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ) فِي الْفَرْجِ، وَغَيْرُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ " بَعْضِ "، وَإِنَّمَا قَالُوا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ مِنْ سَلِيمِهَا؛ أَيْ: لَا زِيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سَائِرُ أَحْكَامِ الْوَطْءِ مِنْ الْغُسْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute