خِطَابُ تَذْكِيرٍ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتَ بِفَتْحِ التَّاءِ لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ، أَفَادَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي " بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ " وَتَقَدَّمَ لَكَ أَنَّهُ يَقَعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ: قُلْتُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَحْسَنُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ تَخْصِيصُ اللَّفْظِ الْعَامِ بِالنِّيَّةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى وَنِيَّتُهُ غَدَاءَ يَوْمِهِ قُصِرَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ وَنِيَّتُهُ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِمَا يَكْرَهُهُ؛ لَمْ يَحْنَثْ إذَا كَلَّمَهُ بِمَا يُحِبُّهُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَبِسَاطٌ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُكَلِّمَهُ بِشَتْمٍ أَوْ سَبٍّ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ مَا كَانَ إلَّا مِنْ هَذَا الْبَابِ إلَّا كَلَّمَهَا بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ لَهُ: اشْتَرِ لِي مُقَنَّعَةً أَوْ ثَوْبًا أَنْ يَقُولَ لَهَا: اشْتَرِ لِي مُقَنَّعَةً أَوْ ثَوْبًا، وَإِذَا قَالَتْ لَهُ: لَا تَشْتَرِ لِي كَذَا فَإِنِّي لَا أُحِبُّهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ، هَذَا مِمَّا يَقْطَعُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُرِدْهُ، فَإِذَا لَمْ يُخَاطِبْهَا بِمِثْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَهَكَذَا يُقْطَعُ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الْمَسْئُولَ عَنْهَا لَمْ يُرِدْهَا، وَلَا كَانَ بِسَاطٌ مُقْتَضِيهَا، وَلَا خَطَرَتْ بِبَالِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يَصِحُّ يَمِينُهُ، وَبَعَثَهُ عَلَى الْحَلِفِ، وَمِثْلُ هَذَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ انْتَهَى. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَمَنْ طَلَّقَ) زَوْجَةً لَهُ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا شَرِكْتُكِ) أَوْ أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا (أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا) أَيْ: فِيمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ (أَوْ) قَالَ لِضَرَّتِهَا: أَنْتِ (مِثْلُهَا، أَوْ أَنْتِ كَهِيَ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِمَا) أَيْ: الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ نَصًّا، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِجَعْلِهِ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدًا، إمَّا بِالشَّرِكَةِ فِي اللَّفْظِ، أَوْ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا فُهِمَ مِنْهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَادَهُ بِلَفْظِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَكَذَا) فَلَوْ قَالَ لِقِنِّهِ أَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لِقِنِّهِ الْآخَرِ شَرَكْتُكَ أَوْ أَشْرَكْتُكَ مَعَهُ أَوْ أَنْتَ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ وَنَحْوَهُ؛ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْعِتْقِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute