(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ أَوْ) قَالَتْ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ (لَيْسَ شَيْءٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ) طَلَاقًا لَا يَلْزَمُك، (أَوْ أَنْتِ طَالِقَةٌ) طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْكِ أَوْ طَلْقَةً (لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا أَوْقَعَهُ أَشْبَهَ اسْتِثْنَاءَ الْجَمِيعِ، وَإِنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ طَلْقَةً، وَ (لَا) يَقَعُ شَيْءٌ (بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، (أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا وَهُوَ الْعَطْفُ الْمُغَيِّرُ) فَإِذَا اتَّصَلَ الْعَطْفُ بِالِاسْتِفْهَامِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا لِلْإِيقَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إيقَاعٌ لَمْ يُعَارِضْهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الصُّورَتَيْنِ اسْتِفْهَامٌ
(وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا) أَيْ امْرَأَتِهِ (بِمَا يَبِينُ) أَيْ: يَظْهَرُ (بِخِلَافِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَبِينُ كَأَنْ كَتَبَهُ (بِأُصْبُعِهِ عَلَى نَحْوِ وِسَادَةٍ) كَعَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْخَطُّ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْسِ بِلِسَانِهِ بِمَا لَا يُسْمَعُ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِتَابَةَ بِمَا يَبِينُ (صَرِيحَةٌ فِيهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ حُرُوفٌ يُفْهَمُ مِنْهَا مَعْنَى الطَّلَاقِ، فَإِذَا أَتَى فِيهَا بِالطَّلَاقِ، وَفُهِمَ مِنْهَا، وَقَعَ كَاللَّفْظِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ قَوْلِ الْكَاتِبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَبَلَّغَ بِالْقَوْلِ مَرَّةً، وَبِالْكِتَابَةِ مَرَّةً أُخْرَى، وَلِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي يَقُومُ مَقَامَ لَفْظِهِ فِي إثْبَاتِ الدُّيُونِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ.
ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَإِنْ كَتَبَ كِنَايَةَ طَلَاقِهَا بِمَا يَبِينُ فَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) حُكْمُ (نَحْوِ عِتْقٍ) كَظِهَارٍ إذَا كَتَبَ صَرِيحَهُ بِمَا يَبِينُ، فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ لَوْ نَسَخَ كِتَابًا فِيهِ لَفْظُ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ؛ لَمْ يَقَعْ إلَّا إنْ نَوَاهُ) وَهَذَا الِاتِّجَاهُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ " وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute