للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ.

(فَلَوْ قَالَ) كَاتِبُ الطَّلَاقِ (لَمْ أُرِدْ إلَّا تَجْوِيدَ خَطِّي، أَوْ لَمْ أُرِدْ إلَّا غَمَّ أَهْلِي) قُبِلَ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، وَقَدْ نَوَى مُحْتَمَلًا غَيْرَ الطَّلَاقِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِاللَّفْظِ غَيْرَ الْإِيقَاعِ وَإِذَا أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ بِتَوَهُّمِ الطَّلَاقِ دُونَ حَقِيقَتِهِ؛ لَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ، وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِمْ بِمَا نَوَوْهُ عِنْدَ الْعَمَلِ بِهِ، وَهَذَا لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا يُؤَاخَذُ بِهِ (أَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ، وَقَالَ: لَا أَقْصِدُ إلَّا الْقِرَاءَةَ قُبِلَ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْحِكَايَةَ.

(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِإِشَارَةٍ) مَفْهُومَةٍ (مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ (فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا) أَيْ: إشَارَةَ الْأَخْرَسِ (إلَّا بَعْضُ) النَّاسِ، (فَ) هِيَ (كِنَايَةٌ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ: الْأَخْرَسِ (مَعَ صَرِيحٍ) أَيْ إشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ (كَتَأْوِيلِ غَيْرِ أَخْرَسَ) كَمَعَ (نُطْقٍ بِصَرِيحِ طَلَاقٍ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ كِنَايَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى الْكَلَامِ؛ فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِإِشَارَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ مَفْهُومَةً؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّطْقِ.

(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) إلَى الْإِسْلَامِ؛ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.

(وَصَرِيحُهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (بِلِسَانِ الْعَجَمِ بِهِشْتَمْ بِهِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ؛ لِأَنَّهَا فِي لِسَانِهِمْ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ، يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ، فَأَشْبَهَتْ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَرِيحَةً فِي لِسَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُعْجَمَةِ صَرِيحٌ لِلطَّلَاقِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى خَلَّيْتُكِ؛ فَإِنَّ مَعْنَى طَلَّقْتُكِ خَلَّيْتُكِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لَهُ وَمُسْتَعْمَلًا فِيهِ كَانَ صَرِيحًا.

(فَمَنْ قَالَهُ) أَيْ: بَهَشْتُمْ (عَارِفًا مَعْنَاهُ) مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>