(وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الصِّيَغِ أَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ أَوْ النَّذْرَ بِشَرْطٍ (نَحْوُ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ) إنْ فَعَلْتِ كَذَا (أَوْ) عَبْدِي (حُرٌّ إنْ فَعَلْتِ كَذَا وَنَحْوُهُ) كَإِنْ كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الْحَجُّ أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، فَهَذَا يُنْظَرُ إلَى مَقْصُودِهِ (فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ الْإِيقَاعَ عِنْدَ) وُجُودِ (الشَّرْطِ، فَتَعْلِيقٌ) يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَبْرَأَتْهُ وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ، فَشُفِيَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ.
قُلْت وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ) لَيْسَ غَرَضُهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، وَإِنَّمَا (غَرَضُهُ الْحِنْثُ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ) أَيْ: الْفِعْلِ (فَ) هُوَ (حَلِفٌ) أَيْ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَلِفِ، وَهُوَ مِنْ الْيَمِينِ، ثُمَّ (قَالَ فَالْحَلِفُ مَا فِيهِ حِنْثٌ أَوْ مَنْعٌ) فَمَنْ كَانَ غَرَضُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهَا لِيُحِثَّهَا عَلَى فِعْلِ أَمْرٍ، أَوْ يَمْنَعَهَا عَنْ ارْتِكَابِ مَا فِيهِ مُخَالَفَتُهُ، وَلَوْ خَالَفَتْ فَلَمْ تَأْتَمِرْ أَوْ لَمْ تَنْتَهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي طَلَاقِهَا (وَالطَّلَاقُ) فِي هَذَا الْحَالِ تَارَةً يَكُونُ (إلَيْهِ أَكْرَهُ) مِنْ الشَّرْطِ؛ فَيَكُونُ حَالِفًا، وَتَارَةً يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَكْرُوهُ أَكْرَهَ إلَيْهِ مِنْ طَلَاقِهَا فَيَكُونُ وَقْعًا لِلطَّلَاقِ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الشَّرْطُ، فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، فَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَمَقْصُودِهِ، فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْأُمُورُ؛ وَقَعَتْ مُنَجَّزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً إذَا كَانَ قَصْدُهُ وُقُوعَهَا عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا وَهُوَ يَكْرَهُ وُقُوعَهَا إذَا حَنِثَ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ، فَهَذَا حَالِفٌ بِهَا مُوقِعٌ لَهَا، فَيَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ، لَا مِنْ بَابِ التَّطْلِيقِ وَالنَّذْرِ قُلْت كَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّطْلِيقِ فِيهِ مَا فِيهِ.
قَالَ (وَالْحَالِفُ هُوَ الْمُلْتَزِمُ مَا يَكْرَهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ) كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute