للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتِ اللَّهِ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ يَمِينٌ، بِخِلَافِ مَنْ يَقْصِدُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ مِنْ نَاذِرٍ وَمُطَلِّقٍ وَمُعْتِقٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْصِدُ، وَيَخْتَارُ لُزُومَ مَا الْتَزَمَهُ، وَكِلَاهُمَا مُلْتَزَمٌ مُعَلَّقٌ، لَكِنَّ هَذَا الْحَالِفَ يَكْرَهُ وُقُوعَ اللَّازِمِ، وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَلْزُومُ، كَمَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ؛ فَإِنَّ هَذَا يَكْرَهُ الْكُفْرَ وَلَوْ وَقَعَ الشَّرْطُ؛ فَهَذَا حَالِفٌ، وَالْمُوقِعُ يَقْصِدُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ اللَّازِمِ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ الْمَلْزُومِ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مُرَادًا لَهُ أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ غَيْرَ مُرَادٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَلَكِنَّ وُقُوعَ الْجَزَاءِ عِنْدَ وُقُوعِهِ مُرَادٌ لَهُ؛ فَهَذَا مُوقِعٌ لَيْسَ بِحَالِفٍ، وَكِلَاهُمَا مُلْتَزَمٌ مُعَلَّقٌ، لَكِنَّ هَذَا الْحَالِفَ يَكْرَهُ وُقُوعَ اللَّازِمِ، ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ وَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ، فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مَكْرُوهًا لَهُ، لَكِنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ؛ فَإِنَّهُ يُرِيدُ الطَّلَاقَ، لِكَوْنِ الشَّرْطِ أَكْرَهُ إلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا وَيَكْرَهُ الشَّرْطَ، لَكِنْ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ طَلَاقَهَا (نَحْوُ) أَنْ يَكُونَ كَارِهًا لِلتَّزَوُّجِ بِامْرَأَةٍ بَغِيٍّ أَوْ فَاجِرَةٍ أَوْ خَائِنَةٍ لَهُ، وَهُوَ لَا يَخْتَارُ طَلَاقَهَا، لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ هَذِهِ الْأُمُورَ اخْتَارَ طَلَاقَهَا، فَيَقُولُ (إنْ زَنَيْتَ) أَوْ سَرَقْتِ أَوْ خُنْتِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ قَاصِدًا وُقُوعَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالزِّنَا؛ لِكَوْنِ طَلَاقِهَا أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ بَقَائِهِ مَعَ زَانِيَةٍ) فَهَذَا مُوقِعٌ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ الصِّفَةِ، لَا حَالِفُ.

قُلْت: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِصَرِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ؛ وَالثَّانِي التَّعْلِيقُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ، فَيُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْ مَعْنَاهُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، بِخِلَافِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْ مَعْنَاهُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَهَذَا الْقَسَمُ إذَا ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ كَارِهًا لِلْجَزَاءِ، وَهُوَ أَكْرَهُ إلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ؛ فَيَكُونُ كَارِهًا لِلشَّرْطِ، وَهُوَ لِلْجَزَاءِ أَكْرَهُ، وَيَلْتَزِمُ أَعْظَمَ الْمَكْرُوهَيْنِ عِنْدَهُ لِيَمْتَنِعَ بِهِ مِنْ أَذَى الْمَكْرُوهَيْنِ، فَيَقُولُ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إنْ زَنَيْتِ أَوْ سَرَقْت أَوْ خُنْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ زَجْرَهَا وَتَخْوِيفَهَا بِالْيَمِينِ لَا إيقَاعَ الطَّلَاقِ إذَا فَعَلَتْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>