وَالْحَرَامِ، وَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ نِيَّتَهُ وَنِيَّاتِهِمْ أَبَى أَنْ يُظْفِرَهُمْ فِيهِ بِمَا رَامُوا حَتَّى إنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُمْ فِي عَقْدِ مَجْلِسٍ لِلْمُنَاظَرَةِ إلَّا وَنَصَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِمَا يُظْهِرُهُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ دَحْضِ حُجَجِهِمْ الْوَاهِيَةِ، وَكَشْفِ مَكِيدَتِهِمْ الدَّاهِيَةِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كُلَّمَا رَأَى تَحَاسُدَهُمْ فِي مُبَايَنَتِهِ، وَتَعَاضُدَهُمْ فِي مُنَاقَضَتِهِ لَا يَزْدَادُ لَلَحِقَ إلَّا انْتِصَارًا وَلِكَثْرَةِ حُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ إلَّا إظْهَارًا، وَلَقَدْ سُجِنَ أَزْمَانًا وَأَعْصَارًا، وَلَمْ يُوَلِّهِمْ دُبُرَهُ فِرَارًا، وَلَقَدْ قَصَدَ أَعْدَاؤُهُ الْفَتْكَ بِهِ مِرَارًا، وَأَوْسَعُوا حِيَلَهُمْ عَلَيْهِ إعْلَانًا وَإِسْرَارًا فَجَعَلَ اللَّهُ حِفْظَهُ مِنْهُمْ شِعَارًا وَدِثَارًا وَلَقَدْ ظَنُّوا أَنَّ فِي حَبْسِهِ شِينَةً، فَجَعَلَهُ اللَّهُ فَضِيلَةً وَزِينَةً انْتَهَى وَلِابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي مَرْثِيَّتِهِ لِلشَّيْخِ
وَحَبْسُ الدُّرِّ فِي الْأَصْدَافِ فَخْرٌ ... وَعِنْدَ الشَّيْخِ بِالسِّجْنِ اغْتِبَاطُ
رَضَّى اللَّه عَنْهُ وَنَفَعَنَا بِهِ.
فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ (إذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ كَذَا وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِأَوَّلِهِمَا) أَيْ طُلُوعِ فَجْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَدَ أَوْ يَوْمَ كَذَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْوُقُوعِ فِيهِ، فَإِذَا وُجِدَ مَا يَكُونُ ظَرْفًا لَهُ مِنْهُمَا، وَقَعَ (كَ) مَا تَطْلُقُ (بِ) دُخُولِ (أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ دَارٍ حَلَفَ لَا تَدْخُلُهَا) وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَقْضِكَ حَقَّكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَخْرُجَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَبْلَ قَضَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَضَاهُ فِي آخِرِهِ؛ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ (وَلَا يَدِينُ وَلَا يُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا إنْ قَالَ أَرَدْت آخِرَهَا) أَيْ: الْغَدِ أَوْ يَوْمِ كَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُهُ (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (فِي غَدٍ أَوْ فِي رَجَبٍ) مَثَلًا (يَقَعُ بِأَوَّلِهِمَا) لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَوَّلُ الشَّهْرِ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute