وَسَاوَتْ الْأَمَةُ هُنَا الْحُرَّةَ، لِأَنَّ تَرَبُّصَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ حَيَاةٍ وَمَوْتٍ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ زَوْجَتِهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ) فِي الْحَالَيْنِ (لِلْوَفَاةِ) الْحُرَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَالْأَمَةُ نِصْفَ ذَلِكَ (وَلَا يَفْتَقِرُ) ذَلِكَ التَّرَبُّصُ (إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفُرْقَةِ) لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تَتْبَعُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِمَوْتِهِ وَكَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَلَا) تَفْتَقِرُ (إلَى طَلَاقِ وَلِيِّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا) لِوَفَاةٍ لِتَعْتَدَّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِوَلِيِّهِ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ، وَلِحُكْمِنَا عَلَيْهَا بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ فَلَا يُجَامِعُهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ كَمَا لَوْ تُيُقِّنَ مَوْتُهُ (وَيَنْفُذُ حُكْمٌ بِالْفُرْقَةِ ظَاهِرًا) فَقَطْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا حَكَمَ بِالْفُرْقَةِ نَفَذَ ظَاهِرًا، وَلَوْ لَمْ يَنْفُذْهَا لَمَا كَانَ فِي حُكْمِهِ فَائِدَةٌ (بِحَيْثُ) إنَّ حُكْمَهُ بِالْفُرْقَةِ (لَا يَمْنَعُ) وُقُوعَ (طَلَاقِ الْمَفْقُودِ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالْفُرْقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هَلَاكُهُ، فَإِذَا عَلِمَتْ حَيَاتَهُ تَبَيَّنَ أَنْ لَا فُرْقَةَ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ كَاذِبَةٌ؛ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ؛ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلُّهُ (وَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ) عَلَى امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ (بِالْفُرْقَةِ) الْحَاصِلَةِ مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ ظَاهِرًا وَتَنْقَطِعُ (بِشُرُوعِهَا فِي الْعِدَّةِ) أَيْضًا بَعْدَ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ الَّتِي ضَرَبَهَا لَهَا الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِالْفُرْقَةِ؛ لِعَدَمِ افْتِقَارِهَا إلَى الْحُكْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ نَفَقَةَ نَفْسِهَا بِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ نِكَاحِهِ، فَإِنْ قَدِمَ الزَّوْجُ، وَاخْتَارَهَا، رُدَّتْ إلَيْهِ، وَعَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ الرَّدِّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: يُنْفَقُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا جَمِيعِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَ (لَا) تَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ الْجَارِيَةُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ التَّزْوِيجِ (بِأَنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ وَالصَّبْرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ) فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا دَامَ حَيًّا مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ ضَرَبَ لَهَا الْحَاكِمُ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ؛ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِيهَا لَا فِي الْعِدَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute