للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ مَا ذَكَرَ) مِنْ التَّرَبُّصِ الْمَذْكُورِ وَالِاعْتِدَادِ بَعْدَهُ (لَمْ يَصِحَّ) نِكَاحُهَا.

(وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ) أَيْ الْمَفْقُودَ (كَانَ طَلَّقَ) وَأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ (أَوْ) بَانَ أَنَّهُ كَانَ (مَيِّتًا) وَأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ انْقَضَتْ (حِينَ التَّزْوِيجِ) أَيْ: قَبْلَهَا؛ لِتَزَوُّجِهَا فِي مُدَّةٍ مَنَعَهَا الشَّرْعُ مِنْ النِّكَاحِ فِيهَا؛ أَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ وَالْمُرْتَابَةَ قَبْلَ زَوَالِ رِيبَتِهَا (وَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِشَرْطِهِ) أَيْ: بَعْدَ التَّرَبُّصِ السَّابِقِ وَالْعِدَّةِ (ثُمَّ قَدِمَ) زَوْجُهَا (قَبْلَ وَطْءِ) الزَّوْجِ (الثَّانِي) دَفَعَ إلَيْهِ مَا أَعْطَاهَا مِنْ مَهْرٍ.

وَ (رُدَّتْ الْقَادِمَ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا بِقُدُومِهِ بُطْلَانَ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ فَتُرَدُّ إلَيْهِ؛ لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ (وَيُنْفِقُ) عَلَيْهَا الْقَادِمُ (مِنْ حِينِ رَدٍّ) إلَيْهِ كَالنَّاشِزِ إذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ (وَيُخَيَّرُ) الْمَفْقُودُ (إنْ وَطِئَ الثَّانِي) قَبْلَ قُدُومِهِ (بَيْنَ أَخْذِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ) لِبَقَائِهِ (وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي، وَيَطَأهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ عِدَّةِ الثَّانِي وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَهُ) أَيْ: الثَّانِي (بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ) لِلثَّانِي؛ لِصِحَّةِ عَقْدِهِ ظَاهِرًا.

(قَالَ الْمُنَقِّحُ) : قُلْت: (الْأَصَحُّ بِعَقْدٍ) وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَا: إنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ الَّذِي سَاقَ وَهُوَ رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَالْأَثْرَمُ؛ وَقَضَى بِهِ الزُّبَيْرُ فِي مَوْلَاةٍ لَهُمْ؛ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا.

قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَعَلَى هَذَا إنْ أَمْسَكَهَا الْأَوَّلُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ، لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ بَاطِلًا فِي الْبَاطِنِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَسِيرٍ، وَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ اعْتِزَالُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهَا الْأَوَّلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَ الثَّانِي، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهَا عَقْدًا جَدِيدًا قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْمُوَفَّقَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ لَهَا عَقْدًا؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ عَقْدِهِ بِمَجِيءِ الْأَوَّلِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ عَلَى هَذَا؛ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ فَإِنَّ زَوْجَةَ الْإِنْسَانِ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ تَرْكِهِ لَهَا انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>