مِمَّنْ تَزَوَّجَهُنَّ فِي الْعَامَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (حَرُمَتْ) عَلَيْهِ الْكَبِيرَةُ الْمُرْضِعَةُ (أَبَدًا) لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ؛ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] (وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ) لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا، وَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ عِنْدَ تَمَامِ الرَّضَاعِ؛ فَلَمْ يَجْتَمِعَا كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ عَلَى أُخْتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَأَيْضًا الْجَمْعُ طَرَأَ عَلَى نِكَاحِ الْأُمِّ فَاخْتَصَّ الْفَسْخُ بِنِكَاحِ الْأُمِّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ (حَتَّى تَرْضَعَ) الْكَبِيرَةُ (ثَانِيَةً) مِنْ الزَّوْجَاتِ الْأَصَاغِرِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرَتَيْنِ، لِاجْتِمَاعِ أُخْتَيْنِ فِي نِكَاحِهِ، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى بِالْفَسْخِ مِنْ الْأُخْرَى؛ فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا (كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا) أَيْ: فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَدْيٍ، أَوْ حُلِبَ بِإِنَاءَيْنِ، وَسُقِيَ لَهُمَا مَعًا.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) الْكَبِيرَةُ (ثَلَاثًا) مِنْ زَوْجَاتِهِ الْأَصَاغِرِ (مُنْفَرِدَاتٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا وَالثَّالِثَةُ مُنْفَرِدَةٌ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ) لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِي عِصْمَتِهِ أُخْتَانِ (وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ) لِانْفِسَاخِ نِكَاحِ الْأُولَيَيْنِ قَبْلَ إرْضَاعِهَا؛ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا حِينَ إرْضَاعِهَا أَحَدٌ.
(وَإِنْ أَرْضَعَتْ) الْكُبْرَى زَوْجَاتِهِ الْأَصَاغِرَ (الثَّلَاثَ بِأَنْ شَرِبْنَهُ مَحْلُوبًا مَعًا مِنْ أَوْعِيَةٍ أَوْ) أَرْضَعَتْ إحْدَاهُنَّ (مُنْفَرِدَةً، ثُمَّ) أَرْضَعَتْ (ثِنْتَيْنِ مَعًا، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ) رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُنَّ جَمِيعُهُنَّ صِرْنَ أَخَوَاتٍ فِي نِكَاحِهِ (ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ) وَاحِدَةً (مِنْ الْأَصَاغِرِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ جَمْعٍ لَا تَأْبِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهِنَّ (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكُبْرَى حَرُمَ الْكُلُّ) عَلَيْهِ (عَلَى الْأَبَدِ) أَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ، وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلِأَنَّهُنَّ رَبَائِبُ دَخَلَ بِأُمِّهِنَّ، وَلَا تَحْرُمُ الْأَصَاغِرُ عَلَى الْأَبَدِ إنْ ارْتَضَعْنَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ بِرَبَائِبَ، لَكِنْ مَتَى اجْتَمَعَ فِي نِكَاحِهِ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute