(وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا زَوْجٌ) أَيْ: النَّفَقَةِ: (أَوْ قَرِيبٌ أَوْ مَالِكُ رَقِيقٍ أَوْ بَهَائِمَ) بِأَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ فَيَمْتَنِعَ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُ (رَجَعَ مُنْفِقٌ عَلَيْهِ) عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ (بِنِيَّةِ رُجُوعٍ) ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ قَدْ يَكُونُ لِضَعْفِ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ وَقُوَّةِ، مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ: فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْمُنْفِقُ الرُّجُوعَ لَضَاعَ الضَّعِيفُ، وَحَيْثُ رَجَعَ فَيَرْجِعُ (بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ نَفَقَةُ مِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إنَّمَا تَنْدَفِعُ بِذَلِكَ.
(وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ أَبٍ أَوْ وَارِثٍ غَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ (نَفَقَةُ ظِئْرِهِ) أَيْ: مُرْضِعَتِهِ (حَوْلَيْنِ) كَامِلَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَلِأَنَّ الطِّفْلَ إنَّمَا يَتَغَذَّى بِمَا يَتَوَلَّدُ فِي الْمُرْضِعَةِ مِنْ اللَّبَنِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْغِذَاءِ، فَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لِلْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ لَهُ، وَلَا تَجِبُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ؛ لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الرَّضَاعِ (وَلَا يُفْطَمُ قَبْلَهَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ (إلَّا بِرِضَى أَبَوَيْهِ أَوْ) بِرِضَى (سَيِّدِهِ) إنْ كَانَ رَقِيقًا فَيَجُوزُ (مَا لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ: الصَّغِيرُ (رَضَاعٌ) فَإِنْ تَضَرَّرَ بِالرَّضَاعِ فَلَا، وَلَوْ رَضِيَا، لِحَدِيثِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (وَلَيْسَ لِأَبِيهِ) أَيْ: الصَّغِيرِ (مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ خِدْمَتِهِ) أَيْ: إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ. هَذَا الْمَذْهَبُ وعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (خِلَافًا لَهَا) أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ " " وَالْمُنْتَهَى "، وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ " وَلِلْأَبِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ خِدْمَةِ وَلَدِهَا مِنْهُ. وَعِبَارَةُ " الْمُنْتَهَى " وَلِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ خِدْمَتِهِ، وَمَا جَزَمَا بِهِ (هُنَا) هُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ، وَمُقْتَضَى مَا صَرَّحَا بِهِ فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ أَنَّ الْمُعْتَدَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، كَمَا لَا يَمْنَعُهَا مِنْ رَضَاعِهِ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute