لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] الْآيَةَ. وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ، وَلَبَنُهَا أَمْرَأُ، وَإِنْ امْتَنَعَتْ أُمٌّ حُرَّةٌ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، لَمْ يُجْبِرْهَا أَبٌ (وَلَوْ أَنَّهَا فِي حِبَالِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَإِذَا اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا وقَوْله تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ التَّعَاسُرِ.
(وَهِيَ) أَيْ: الْأُمُّ (أَحَقُّ) بِرَضَاعِ وَلَدِهَا (بِأُجْرَةٍ مِثْلِهَا لَا بِأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَيَسْقُطُ حَقُّهَا) بِطَلَبِهَا الْأَكْثَرَ وَلَوْ يَسِيرًا (حَتَّى) وَلَوْ طَلَبَتْ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِهِ أُجْرَةَ مِثْلِهَا (مَعَ) وُجُودِ مُرْضِعَةٍ (مُتَبَرِّعَةٍ) فَالْأُمُّ أَحَقُّ، لِمَا تَقَدَّمَ، (أَوْ) كَانَتْ الْأُمُّ مَعَ (زَوْجٍ ثَانٍ وَيَرْضَى) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] " وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ كَانَ طَلَبُ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ تُرْضِعُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ، سَقَطَ حَقُّهَا، وَلِلْأَبِ أَخْذُهُ مِنْهَا؛ لِتَعَاسُرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُرْضِعَةً إلَّا بِمَا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ؛ فَالْأُمُّ أَحَقُّ؛ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ مَنَعَ الْأُمَّ زَوْجُهَا غَيْرُ أَبِي الطِّفْلِ مِنْ إرْضَاعِهِ؛ سَقَطَ حَقُّهَا لِتَعَذُّرِ وُصُولِهَا إلَيْهِ.
(وَيَلْزَمُ حُرَّةً إرْضَاعُ وَلَدِهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مَعَ خَوْفَ تَلَفٍ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا، أَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ سِوَاهَا حِفْظًا لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، وَلَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ تَلَفَهُ لَمْ تُجْبَرْ دَنِيئَةً كَانَتْ أَوْ شَرِيفَةً، فِي حِبَالِهِ أَوْ مُطْلَقَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] " (وَ) يَلْزَمُ (أُمَّ وَلَدٍ) إرْضَاعَ وَلَدِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ: خِيفَ عَلَى الْوَلَدِ أَمْ لَا، مِنْ سَيِّدِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute