للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) وَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هَذَا، وَلَا تَبْطُلُ تَوْبَةُ هَذَا. انْتَهَى (مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ) بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ.

(وَالْقَتْلُ) فِعْلُ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِزُهُوقِ النَّفْسِ، وهُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنَ (ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ) ؛ أَيْ: أَصْنَافٍ. أَحَدُهَا: (عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ) دُونَ قَسِيمَيْهِ. وَالثَّانِي: (شِبْهُ عَمْدٍ) وَيُقَالُ: خَطَأُ الْعَمْدِ وَعَمْدُ الْخَطَأِ. (وَ) الثَّالِثُ: (خَطَأٌ) وَهَذَا تَقْسِيمُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ، وَجَعَلَ شِبْهَ الْعَمْدِ مِنْ قِسْمِ الْعَمْدِ، وَحُكِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَهَذَا نَصٌّ فِي ثُبُوتِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَقَسَّمَهُ الْمُوَفَّقُ فِي " الْمُقْنِعِ " إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، فَزَادَ مَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَإِ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَلَّبَ النَّائِمُ عَلَى شَخْصٍ فَيَقْتُلَهُ، وَمَنْ يُقْتَلُ بِسَبَبٍ، كَحَفْرِ بِئْرٍ مُحَرَّمٍ، وَنَحْوِهِ مِنْ الصُّوَرِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِسْمِ الْخَطَإِ.

(فَالْعَمْدُ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (أَنْ يَقْصِدَ) الْجَانِي (- مَنْ يَعْلَمُ - آدَمِيًّا مَعْصُومًا، فَيَقْتُلُهُ بِمَا) ؛ أَيْ: شَيْءٍ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) مُحَدَّدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ فَلَا قِصَاصَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ، أَوْ قَصَدَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

(وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْعَمْدِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (تِسْعُ صُوَرٍ) بِالِاسْتِقْرَاءِ. (أَحَدُهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ) ؛ أَيْ: دُخُولٌ وَتَرَدُّدٌ فِي الْبَدَنِ، مِنْ حَدِيدٍ، كَسِكِّينٍ وَحَرْبَةٍ وَسَيْفٍ وَسِنَانٍ وَقَدُّومٍ (وَمِسَلَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ) ؛ أَيْ: الْحَدِيدِ (كَشَوْكَةٍ) وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَعَظْمٍ، وَكَذَا نُحَاسٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنَحْوُهُ، فَإِذَا جَرَحَهُ فَمَاتَ بِهِ فَعَمْدٌ.

(وَلَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ) فَمَاتَ، وَلَوْ طَالَتْ عِلَّتُهُ مِنْهُ وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ كَالْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّدَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ بِهِ، بِدَلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>