مِنْ الْقَوَاتِلِ (أَوْ يُلْسِعُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (عَقْرَبًا مِنْ) الْعَقَارِبِ (الْقَوَاتِلِ غَالِبًا) فَيَمُوتُ (فَيُقْتَلُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَالسَّبُعُ وَنَحْوُهُ كَالْآلَةِ لِلْآدَمِيِّ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ فِعْلًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، كَثُعْبَانِ الْحِجَازِ أَوْ سَبُعٍ صَغِيرٍ، أَوْ كَلْبٍ صَغِيرٍ، أَوْ كَتَّفَهُ وَأَلْقَاهُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَسْبَعَةٍ، فَأَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ، فَيَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا تَلِفَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا.
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُعْهَدْ وُصُولُ زِيَادَةِ الْمَاءِ إلَيْهِ، أَوْ تُحْتَمَلُ زِيَادَةُ الْمَاءِ وَعَدَمُهَا فِيهِ، فَوَصَلَتْ إلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَمَاتَ بِهَا؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ زِيَادَةَ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَلْقَاهُ مَشْدُودًا، فَمَاتَ بِهِ؛ فَهُوَ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا.
الصُّورَةُ (الرَّابِعَةُ: أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغْرِقُهُ أَوْ نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ) مِنْهُمَا إمَّا لِكَثْرَتِهِمَا أَوْ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّخَلُّصِ لِمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ صِغَرٍ، أَوْ كَانَ مَرْبُوطًا، أَوْ مَنَعَهُ الْخُرُوجَ كَوْنُهُ فِي حُفْرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصُّعُودِ مِنْهَا (فَيَمُوتُ) فَيُقْتَلُ بِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بَعْدَ فِعْلٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إسْنَادُ الْقَتْلِ إلَيْهِ؛ فَوَجَبَ كَوْنُهُ عَمْدًا، وَكَذَا إنْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ، وَأَوْقَدَ فِيهِ نَارًا، أَوْ سَدَّ الْمَنَافِذَ الَّتِي لِلْبَيْتِ حَتَّى اشْتَدَّ الدُّخَانُ وَضَاقَ بِهِ النَّفَسُ، أَوْ دَفَنَهُ حَيًّا، أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ ذَاتِ نَفَسٍ عَالِمًا بِذَلِكَ فَمَاتَ؛ فَعَمْدٌ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) التَّخَلُّصُ (فِيهِمَا) ؛ أَيْ: مَسْأَلَتَيْ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ، فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ (هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِمَوْتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ "، وَالْحَاوِي " وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ".
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى " (لَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَخِيرَةِ) ، وَهِيَ مَا إذَا أَلْقَاهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ (بِالدِّيَةِ خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ "؛ فَإِنَّهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ؛ أَيْ: أَلْقَاهُ فِي نَارٍ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَاتَ؛ فَلَا قَوَدَ، وَيَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ. انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute