وَأَمَّا الْعَمُودُ الَّذِي تَتَّخِذُهُ التُّرْكُ وَغَيْرُهُمْ لِخِيَامِهِمْ؛ فَالْقَتْلُ بِهِ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ يَضْرِبُهُ (بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) لِثِقَلِهِ (مِنْ كُوذَيْنِ: وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ وَ) مِنْ (لُتٍّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ) مَعْرُوفٌ (وَدَبُّوسٍ وَسِنْدَانِ) حَدَّادٍ (وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ) كَانَ ضَرَبَهُ بِذَلِكَ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) فَيَمُوتُ؛ فَيُقَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَتَنَاوَلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] " وَقَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ، فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ الْمُثْقَلَ الْكَبِيرَ يَقْتُلُ غَالِبًا؛ أَشْبَهَ الْمُحَدَّدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ خَطَإِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ» فَالْمُرَادُ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْعَصَا وَالسَّوْطِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُشْبِهُهُمَا، أَوْ يَضْرِبُهُ (فِي مَقْتَلٍ) بِمُثْقَلٍ (دُونَ ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ يَضْرِبُهُ فِي حَالِ (ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَنَحْوِهِ) كَإِعْيَاءٍ (بِدُونٍ بِذَلِكَ) كَحَجَرٍ صَغِيرٍ فَيَمُوتُ (أَوْ يُكَرِّرُ الضَّرْبَ) بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَعَصًا (وَخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ) حَتَّى يَمُوتَ (أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا) مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَمُوتُ (أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتُ) فَفِيهِ كُلِّهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ قَالَ) جَانٍ (لَمْ أَقْصِدْ) بِذَلِكَ (قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ) أَوْ ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
الصُّورَةُ (الثَّالِثَةُ: أَنْ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ) بِضَمِّ الزَّايِ؛ أَيْ: حَفِيرَتِهِ (وَنَحْوِهِ) كَنَمِرٍ فَيَقْتُلُهُ (أَوْ) يُلْقِيهِ (مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: الْأَسَدِ وَنَحْوِهِ، فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُلْقِيهِ (فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ) فَيَقْتُلُهُ (أَوْ يُنْهِشُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (كَلْبًا أَوْ حَيَّةً)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute