هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ عَنْ الْإِسْنَادِ، حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا
وَلِأَنَّهُ سَبَبُ إيجَادِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّطَ بِسَبَبِهِ عَلَى إعْدَامِهِ.
(وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ: الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْقَاتِلُ) لَهُ مِنْ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ، وَإِنْ عَلَوْا (كَافِرٌ قِنٌّ) ؛ لِانْتِفَاءِ الْقِصَاصِ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ (وَيُؤْخَذُ حُرٌّ) مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ قَتَلَ وَلَدَهُ، وَإِنْ سَفَلَ (بِالدِّيَةِ) أَيْ: دِيَةِ الْمَقْتُولِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِهِ، قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ دِيَةَ ابْنِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَالْحُرِّيَّةِ كَاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ، وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ زِنًا فَيُقْتَلُ الْوَالِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ حَقِيقَةً
(وَمَنْ) تَدَاعَيَا نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ (قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِ الْقَافَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ابْنَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَتَلَاهُ؛ لَمْ يُقْتَلْ أَبُوهُ وَقُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ إقْرَارِهِمَا، كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ وَاحِدٌ فَأُلْحِقَ بِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ.
وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ دَعْوَاهُ؛ صَحَّ رُجُوعُهُ، وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْآخَرِ؛ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ، وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ عَنْ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الرَّاجِعِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ.
وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَلَهُمَا شُبْهَةٌ فِي وَطْئِهَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا، وَالْآخَرُ بِشُبْهَةٍ، فَقَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَإِنْ نَفَيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute