للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهُوَ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (فِعْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ) فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (أَوْ) فِعْلُ (وَلِيِّهِ) إنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ (بِجَانٍ مِثْلَ فِعْلِهِ) أَيْ: الْجَانِي (أَوْ شِبْهِهِ) كَأَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِسُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ تَجْرِيعِ خَمْرٍ، فَإِذَا اسْتَوْفَى مِنْهُ بِالسَّيْفِ يَكُونُ ذَلِكَ شِبْهَ فِعْلِ الْجَانِي، وَيَأْتِي مُفَصَّلًا.

(، وَشُرُوطُهُ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ مُسْتَحِقٍّ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِيفَاءِ.

وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ؛ لِمَا يَأْتِي (وَمَعَ صِغَرِهِ) أَيْ: مُسْتَحِقٍّ (أَوْ جُنُونِهِ؛ يُحْبَسُ جَانٍ بِهِ لِبُلُوغِ) صَغِيرٍ يَسْتَحِقُّهُ (أَوْ) إلَى (إفَاقَةِ) مَجْنُونٍ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ حَبَسَ هُدْبَةَ بْنَ خَشْرَمَ فِي قِصَاصٍ حَتَّى بَلَغَ ابْنُ الْقَتِيلِ، وَكَانَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ.

وَبَذَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِ الْقَتِيلِ سَبْعَ دِيَاتٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا؛ وَلِأَنَّ فِي تَخْلِيَتِهِ تَضْيِيعًا لِلْحَقِّ، إذْ لَا يُؤْمَنُ هَرَبُهُ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ بِالدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ هُنَا، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِقُصُورِ الْمُسْتَوْفِي، وَأَيْضًا الْمُعْسِرُ إذَا حُبِسَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَحَبْسُهُ يَضُرُّ الْجَانِبَيْنِ، وَهُنَا الْحَقُّ هُوَ نَفْسُهُ فَيَفُوتُ بِالتَّخْلِيَةِ.

(وَلَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ) أَيْ: الْقِصَاصِ (لَهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (أَبٌ كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ) إذْ لَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَائِهِمْ التَّشَفِّي لِلْمُسْتَحِقِّ لَهُ، فَتَفُوتُ حِكْمَةُ الْقِصَاصِ (فَإِنْ احْتَاجَا) أَيْ: الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (لِنَفَقَةٍ فَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ) الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا حَدَّ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ (لَا) ، وَلِيُّ (صَغِيرٍ) فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَى الدِّيَةِ مُسْقِطٌ لِلْقِصَاصِ، وَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ قِصَاصِهِ (غَيْرُ لَقِيطٍ) صَغِيرٍ مُحْتَاجٍ لِلنَّفَقَةِ؛ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ (الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ) قَالَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ: وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ وَرُشْدَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرٌ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ الْعَفْوُ عَلَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْإِنْفَاقِ.

قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ اللَّقِيطَ لَوْ كَانَ مَجْنُونًا غَنِيًّا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>