الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، بَلْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ
(وَإِنْ قَتَلَا) أَيْ: الصَّغِيرُ، وَالْمَجْنُونُ (قَاتِلَ مُوَرِّثِهِمَا، أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا) أَيْ: بِلَا إذْنِ جَانٍ (سَقَطَ حَقُّهُمَا) ؛ لِاسْتِيفَائِهِمَا مَا وَجَبَ لَهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ لَهُمَا، فَأَخَذَاهُ مِنْهُ قَهْرًا فَأَتْلَفَاهُ وَ (كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ كَعَبْدٍ) فَيَسْقُطُ حَقُّهُمَا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دِيَتِهِ عَلَى أَحَدٍ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي: اتِّفَاقُ الْمُشْتَرَكِينَ فِيهِ) أَيْ: الْقِصَاصِ (عَلَى اسْتِيفَائِهِ) فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ؛ أَشْبَهَ الدَّيْنَ (وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ) ، وَارِثٍ (غَائِبٍ، وَبُلُوغُ) ، وَارِثٍ صَغِيرٍ (وَإِفَاقَةُ) ، وَارِثٍ مَجْنُونٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ الْجَانِي لِذَلِكَ، لِأَنَّ فِيهِ حَظًّا لِلْجَانِي بِتَأْخِيرِ الْجِنَايَةِ عَنْهُ، وَحَظًّا لِلْمُسْتَحِقِّ بِإِيصَالِهِ إلَى حَقِّهِ.
وَحَيْثُ وَجَبَ الِانْتِظَارُ (فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ) أَيْ: الْقِصَاصِ (بَعْضُهُمْ) (كَ) مَا يَمْتَنِعُ عَلَى بَعْضِهِمْ الِانْفِرَادُ بِأَخْذِ (دِيَةٍ) ، وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْقِصَاصِ (وَكَقِنٍّ مُشْتَرَكٍ) قَتَلَ فَلَا يَنْفَرِدُ؛ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ لَهُ (بِخِلَافِ) قَتْلٍ فِي (مُحَارَبَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَتْلِ قَاطِعِ طَرِيقٍ قُتِلَ اتِّفَاقُ أَوْلِيَاءِ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِمْ (لِتَحَتُّمِهِ) أَيْ: تَحَتُّمِ قَتْلِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) بِخِلَافِ (حَدِّ قَذْفٍ) فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَيْثُ يُورَثُ بِأَنْ طَالَبَ بِهِ الْمُوَرِّثُ فِي حَيَاتِهِ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ: حَدِّ الْقَذْفِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ إذَا طَلَبَهُ (كَامِلًا) ، وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَوْفِي الْإِمَامُ الْقِصَاصَ فِيهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ، وَإِنَّمَا قَتَلَ الْحَسَنُ ابْنَ مَلْجَمٍ كُفْرًا؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرًا، وَقِيلَ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرْ الْحَسَنُ غَائِبًا مِنْ الْوَرَثَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute