للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي وَمَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلَّا مَعِي يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا» .

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا، فَجَاءَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ أُخْتُ الْقَاتِلِ: قَدْ عَفَوْت عَنْ حَقِّي، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَتَقَ الْقَتِيلُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ؛ فَلِإِقْرَارِهِ بِسُقُوطِ نَصِيبِهِ، وَإِذَا أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ سَرَى إلَى الْبَاقِي كَالْعِتْقِ (وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى جَانٍ) سَوَاءٌ عَفَا شَرِيكُهُ مُطْلَقًا أَوْ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَمَّا فَاتَهُ مِنْ الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِهِ (ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ عَافٍ قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ) أَيْ: الْعَفْوِ (أَوْ جَوَازَهُ) أَيْ: الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى مَالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٨]

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ أَيْ: بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ. وَلِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا مُكَافِئًا.

(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَافِي دَعْوَى الْجَوَازِ إذَا قَتَلَ الْجَانِي (وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُهُ) أَيْ: الْجَوَازَ (مِثْلُهُ) كَمَنْ نَشَأَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ؛ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ انْفِرَادِهِ بِالْقَتْلِ بِدُونِ إذْنِ شُرَكَائِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَحْصُلُ عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِ الْجَانِي بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ، كَمَنْ نَشَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْنَ أَهْلِ الْجَفَاءِ مِنْ الْأَعْرَابِ، وَنَحْوَهُمْ، وَقَتَلَهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ؛ إذْ جَهْلُهُ شُبْهَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَكَذَا شَرِيكُ) عَافٍ (عَلِمَ بِالْعَفْوِ) أَيْ: عَفْوِ شَرِيكِهِ (وَعَلِمَ سُقُوطَ الْقَوَدِ بِهِ) أَيْ: بِعَفْوِ شَرِيكِهِ؛ ثُمَّ قَتَلَهُ؛ فَيُقْتَلُ بِهِ، سَوَاءٌ حَكَمَ بِالْعَفْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>