للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاكِمٌ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ لَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ؛ إذْ لَوْ قُتِلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ قَتَلْنَاهُ بِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي قَتْلِهِ، وَإِلَّا يَعْلَمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ، وَبِسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ، بِأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِمَا؛ فَلَا قِصَاصَ لِاعْتِقَادِ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَوَدَاهُ) أَيْ: أَدَّى دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ.

(وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ) لِلْمَقْتُولِ مِنْ (الْقَوَدِ بِقَدْرِ إرْثِهِ) مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ وَذِي الرَّحِمِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْثِ، فَوَجَبَ لَهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْمَالِ (وَيَنْتَقِلُ) حَقُّ الْقَوَدِ (مِنْ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِ الْمَقْتُولِ كَالدِّيَةِ.

(وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) مِنْ الْقَتْلَى (فَالْإِمَامُ وَلِيُّهُ) فِي الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ إلَى مَالٍ) أَيْ: دِيَةٍ فَأَكْثَرَ، فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْلِمِينَ، وَ (لَا) يَعْفُو (مَجَّانًا) ، وَلَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ.

الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمَنَ فِي اسْتِيفَائِهِ) أَيْ: الْقَوَدِ (تَعَدِّيهِ) ؛ أَيْ: الِاسْتِيفَاءِ (إلَى غَيْرِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: ٣٣] (فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا) لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ (أَوْ) لَزِمَ الْقَوَدُ (حَائِلًا فَحَمَلَتْ؛ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ) حَمْلَهَا؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا إسْرَافٌ؛ لِتَعَدِّيهِ إلَى حَمْلِهَا (وَ) حَتَّى (تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ) قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالُوا: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ عَمْدًا فَلَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، وَحَتَّى تُكْفِلَ وَلَدَهَا» ؛ وَلِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى وَلَدِهَا، وَقَتْلُهُ حَرَامٌ، وَالْوَلَدُ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ اللِّبَإِ ضَرَرًا كَثِيرًا، وَقَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>