للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ سِرَايَتِهَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْجِنَايَةِ تَدْخُلُ فِيهِ الْجِرَاحَةُ وَسِرَايَتُهَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ (بِخِلَافِ عَفْوِهِ) ؛ أَيْ: الْمَجْرُوحِ (عَلَى مَالٍ أَوْ عَنْ قَوَدٍ) فَقَطْ بِأَنْ قَالَ: عَفَوْت عَلَى مَالٍ أَوْ عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ؛ فَلَا يَبْرَأُ جَانٍ مِنْ السِّرَايَةِ؛ لِعَدَمْ مَا يَقْتَضِي بَرَاءَتُهُ مِنْهَا (وَيَصِحُّ قَوْلُ مَجْرُوحٍ: أَبْرَأْتُك) مِنْ دَمِي أَوْ قَتْلِي مُعَلِّقًا بِمَوْتِهِ، (وَ) قَوْلُهُ (حَلَلْتُك مِنْ دَمِي أَوْ قَتْلِي، أَوْ وَهَبْتُك ذَلِكَ) ؛ أَيْ: دَمِي أَوْ قَتْلِي، أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْك (وَنَحْوُهُ) كَ جَعَلْت لَك دَمِي أَوْ قَتْلِي، أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْك (مُعَلِّقًا بِمَوْتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، (فَ) إنْ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ بَرِئَ مِنْهُ فَ (لَوْ عَفَا بَقِيَ حَقَّهُ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْجِرَاحَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَإِنَّمَا اقْتَضَى مُوجِبَ الْقَتْلِ؛ فَبَقِيَ مُوجِبُ الْجُرْحِ بِحَالِهِ (بِخِلَافِ عَفَوْتُ عَنْك أَوْ) عَفَوْتُ (عَنْ جِنَايَتِك) ؛ لِتَضَمُّنِهَا الْجِنَايَةَ وَسَرَايَتَهَا.

(وَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُ) ، أَيْ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (عَنْ قَوَدِ جِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا) كَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ؛ لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، وَلَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ؛ أَشْبَهَ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَكَمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ، أَوْ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْعَقْدِ (فَلِوَلِيِّهِ) ؛ أَيْ: الْمَشْجُوجِ (مَعَ سِرَايَتِهَا) ؛ أَيْ: الشَّجَّةِ (الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَعْفُ.

(وَكُلُّ عَفْوٍ صَحَّحْنَاهُ مِنْ مَجْرُوحٍ مَجَّانًا مِمَّا يُوجِبُ الْمَالَ عَيْنًا) كَالْخَطَأِ وَشَبَهِ الْعَمْدِ وَالْجَائِفَةِ (فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ الْعَافِي يُعْتَبَرُ) مَا عَفَا عَنْهُ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ أَيْ: ثُلُثِ التَّرِكَةِ، فَيَنْفُذُ إذَا كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ، وَإِنْ زَادَ فَبِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَبْرَأَهُ مِنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي مَرَضٍ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ؛ أَشْبَهَ الدَّيْنَ (وَيُنْقَضُ) الْعَفْوُ عَمَّا يُوجِبُ الْمَالَ عَيْنًا مِنْ مَجْرُوحٍ إذَا مَاتَ (لِلدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ) لِلتَّرِكَةِ كَالْوَصِيَّةِ (وَإِنْ أَوْجَبَ) مَا عَفَا عَنْهُ مَجْرُوحٌ، ثُمَّ مَاتَ (قَوَدًا؛ نَفَذَ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ) التَّرِكَةُ (سِوَى دَمِهِ) نَصًّا؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَالِ، فَإِذَا سَقَطَ الْقَوَدُ لَمْ يَلْزَمْهُ إثْبَاتُ الْمَالِ كَقَبُولِهِ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ (وَمِثْلُهُ الْعَفْوُ عَنْ قَوَدٍ بِلَا مَالٍ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ؛ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ مَعَ دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ) لِلتَّرِكَةِ؛ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>