(وَتُضْمَنُ سِرَايَةُ جِنَايَةٍ حَتَّى وَلَوْ) بَعْدَ أَنْ (انْدَمَلَ جُرْحٌ وَاقْتُصَّ) مِنْ جَانٍ (ثُمَّ انْتَفَضَ) الْجُرْحُ (فَسَرَى) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِ الْجَانِي، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَهُ (بِقَوَدٍ وَدِيَةٍ فِي نَفْسٍ وَدُونِهَا) يَتَعَلَّقُ بِتَضَمُّنٍ، فَلَوْ هَشَّمَهُ فِي رَأْسِهِ، فَسَرَى إلَى ذَهَابِ ضَوْءِ عَيْنِهِ ثُمَّ مَاتَ، اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَأُخِذَ مِنْهُ دِيَةُ بَصَرِهِ (فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأَكَّلَتْ) أُصْبُعٌ (أُخْرَى) بِجَانِبِهَا (أَوْ) تَأَكَّلَتْ (الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنْ مَفْصِلٍ فَالْقَوَدُ) فِيمَا سَقَطَ (وَفِيمَا يُشَلُّ الْأَرْشُ) ؛ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقِصَاصِ فِي الشَّلَلِ، وَإِنْ سَرَتْ إلَى النَّفْسِ فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ (وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدَرٌ) ؛ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ: مَنْ مَاتَ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَا دِيَةَ لَهُ، الْحَقُّ قَتَلَهُ رَوَاهُ سَعِيدٌ بِمَعْنَاهُ.
وَلِأَنَّهُ قَطْعٌ بِحَقٍّ، فَكَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَكَذَا سِرَايَتُهُ كَقَطْعِ السَّارِقِ (فَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا قَوَدًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاطِعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ لَوْ قَطَعَهُ) أَيْ قَطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْجَانِيَ (قَهْرًا) بِلَا إذْنِهِ وَلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (مَعَ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) أَوْ حَالٍ لَا يُؤْمَنُ فِيهَا الْخَوْفُ مِنْ السِّرَايَةِ (أَوْ) قَطَعَهُ (بِآلَةٍ كَالَّةٍ أَوْ) بِآلَةٍ (مَسْمُومَةٍ وَنَحْوِهِ) كَحَرْقِهِ طَرَفًا يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ فِيهِ، فَيَمُوتُ جَانٍ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقْتَصَّ (بَقِيَّةُ الدِّيَةِ) أَيْ يَضْمَنُ دِيَةَ النَّفْسِ مَنْقُوصًا مِنْهَا دِيَةُ الْعُضْوِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَإِنْ وَجَبَ فِي يَدٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ وَجَبَ فِي جَفْنٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَهَكَذَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ فِي أَنْفٍ أَوْ ذَكَرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ دِيَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
(وَيَحْرُمُ) قِصَاصٌ (فِي طَرَفٍ وَيَتَّجِهُ وَ) كَذَا يَحْرُمُ قِصَاصٌ فِي (جُرْحٍ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ (حَتَّى يَبْرَأَ) ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى رَجُلٍ وَجَرَحَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute